قرآنه [١] جامعا ، فلمّا مضى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووقع التنازع بين الأمّة ، جمعه كما انزل ، وشدّ بردائه
وأتى به إلى المسجد وخاطب الصحابة ، وقال : « هذا كتاب ربّكم على ما انزل » ، فقال
له عمر : لا حاجة لنا فيه ، حسبنا كتاب عثمان ، فقال عليهالسلام : « لن تروه ولن يراه أحد أبدا [٢] حتّى يظهر قائمنا » [٣].
ومنها : حكاية إبقاء
مصحف عثمان وطبخ غيره من مصاحف كتّاب الوحي ، ولو لم يختلف ، لما ارتكبوا هذا
القبيح [٤].
ومنها : أنّ عثمان
أرسل سبعة مصاحف إلى أهل الأمصار وكلّها بخطّه [٥] ، فوجد فيها
اختلاف كثير ، فإذا اختلف المصاحف التي بخطّه ، فكيف حال غيرها من مصاحف كتّاب
الوحي؟
واحتجّ الآخرون :
بقوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحافِظُونَ )[٦] ، وبقوله عليهالسلام : « القرآن واحد ، نزل من عند واحد على نبيّ واحد ، وإنّما
الاختلاف من جهة الرواة » [٧] ، وبأنّ القول بوقوع التبديل في القرآن الذي بين أيدينا فتح
لباب الكلام على إعجاز القرآن وعدم مقدرة البشر على الإتيان بمثله ، وعلى استنباط
الأحكام منه [٨].
واجيب [٩] عن الأوّل : بأنّ المراد من الحفظ حفظ نوعه ، وهو كما نزل محفوظ عند أهل
البيت ، فلا يمحى عن العالم.
وعن الثاني :
بأنّه يدلّ على خلاف المطلوب.
وعن الثالث :
بأنّه لم يقع فيه تغيير يخرج به عن اسلوبه الخاصّ الذي هو مناط الإعجاز ،