الحلّيّة والطهارة
حتّى يعرف الحرام والنجس بعينه ، كما دلّ عليه بعض الأخبار [١].
والمشهور بين
الفقهاء وجوب الاجتناب عن الجميع لو وقع الشبهة [٢] في المحصور عادة ، وعدمه لو وقع في غيره [٣]. وتأمّل بعضهم [٤] في الفرق. ولعلّك تعرف حقيقة الحال بعد ذلك.
وقد يكون وجوب
مقدّمة الواجب معتضدا بدليل آخر ، وحينئذ لا شبهة في وجوبها.
وقد يستدلّ بعدم
وجوب مقدّمة شيء على عدم وجوبه ، كما يقال : الصلاة في الدار المغصوبة ليست بواجبة
؛ لأنّ الكون فيها من مقدّمات الصلاة فيها وهو ليس بواجب ؛ للنهي عنه ؛ فالصلاة
فيها ليست بواجبة ، وإذا لم تكن واجبة تكون باطلة ، وقد يعتضد ذلك بأنّها منهيّ
عنها ؛ لكونها مضادّة للخروج المأمور به ، والأمر بالشيء نهي عن ضدّه.
وبالجملة ، في
أمثال هذه المواضع يجب الفحص حتّى يظهر الترجيح.
وإذا عرفت حقيقة
الحال في مقدّمة الواجب مع كيفيّة التفريع ، تعرف ذلك في مقدّمة الحرام والمستحبّ
والمكروه ، ولا يحتاج إلى بيان.
فصل [١٤]
هل يجوز اتّصاف
شيء واحد بحكمين من الأحكام الخمسة ، مثل أن يكون واجبا حراما ، أو واجبا مكروها ،
وهكذا؟
والحقّ عدم الجواز
مطلقا ، إلاّ أنّ له صورا وقع في بعضها الخلاف ، فلا بدّ من ذكرها وبيان ما هو
الحقّ :
[
الصورة ] الأولى : لا خلاف في جواز ذلك في الواحد بالجنس ، بأن يكون شيء جائز
[١] منها : ما دلّ
على أصالة الحلّيّة كما في الكافي ٥ : ٣١٣ ، باب النوادر ، ح ٣٩ و ٤٠ ، و: ٣٣٩ ،
باب الجبن ، ح ١ و ٢. ومنها : ما دلّ على أصالة الطهارة كما في تهذيب الأحكام ١ :
٢٨٥ ، ح ٨٣٢.
[٣] منهم : العاملي
في مدارك الأحكام ١ : ١٠٧ ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : ٢٤٨ ، وراجع
الحدائق الناضرة ١ : ١٤٨ و ١٤٩.
[٤] ذهب القمّي إلى
عدم الفرق فيما لا نصّ فيه وقال في المحصور : « والذي يترجّح في النظر هو عدم
الوجوب ». راجع : قوانين الاصول ١ : ١٠٨ ، والحدائق الناضرة ١ : ١٤٨.