قلت : الشرطيّة من
خطاب الوضع ، وهو غير الأمر والإيجاب ، فيمكن أن يجعل الشارع أمرا شرطا لغيره من
غير أن يأمر به.
فالشرط إمّا أن
يأمر به الشارع ويصرّح بالشرطيّة ، وهو الشرط الشرعي الذي تعلّق به صريح الأمر.
أو يصرّح
بالشرطيّة من دون الأمر ، وهو الشرط الشرعي الذي لم يتعلّق به صريح الأمر.
وهذا القسم إن وجب
ليس وجوبه من الأمر ، بل من الشرطيّة الشرعيّة ، مع كون الشرط من مقدّمات الواجب.
أو لا يأمر به ولا
يصرّح بالشرطيّة أيضا ، ولكن يعلم عقلا أنّ الفعل موقوف عليه وهو الشرط العقلي ،
ووجوبه من الشرطيّة العقليّة مع كونه من مقدّمات الواجب.
إذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع ظاهرة عليك. والفروع لهذا الأصل كثيرة ، وقد سبق جملة منها.
ومنها : أنّه إذا
مات رجل وعليه حجّة واجبة ، فعلى القول بوجوب المقدّمة يجب أن يحجّ عنه عن بلده ،
وعلى القول الآخر يجوز أن يحجّ عنه من أيّ موضع اتّفق. وهو المشهور عند أصحابنا [١] ؛ لأدلّة خارجيّة [٢].
ثمّ إنّ مقدّمة
الواجب إمّا أن لا يكون لها معارض من العقل والنقل ، أو يكون لها ذلك.
فالأوّل لا تأمّل
في وجوبه على ما اخترناه ، كدخول جزء من الليل في الصوم ، والإتيان بالصلوات الخمس
أو ثلاث ـ على اختلاف القولين ـ لمن ترك واحدة ولم يدر بعينها [٣].
والثاني يجب فيه
الفحص والتفتيش حتّى يظهر الترجيح ، وذلك كالشبهة في موضوع [٤] الحكم ، مثل أن يسقط تمرة نجسة بين تمر كثير ولم تتميّز ، أو اشتبه لحم
الميّت بالمذبوح ، وأمثال ذلك ، فإنّه يجب حينئذ ترك الجميع من باب المقدّمة ،
إلاّ أنّ له معارضا ، وهو أصالة