ولا شك أن
الاقتداء ركون ، فتعميمهم يستلزم رد الكتاب والسنة ، وتعميمنا يستلزم مع ذلك رد
الإجماع أيضاً.
وبعد اللتيا
والتي كيف يستقيم عند الطبائع السليمة والعقول المستقيمة الاقتداء بالفاجر
والاهتداء بالعاهر ، وتفويض الامور الدينية اليه ، ولا سيما أمر الصلاة التي هي
معراج المؤمن ونور عينيه ، وهي من أكمل أركان الدين وأفضل أعمال المسلمين ، حتى
أنها اذا قبلت قبل سائر الاعمال ، ولو ردت ردت بواقيها.
وقل لي لو حكمت
نفسك وجعلتها قاضية في ذلك الامر الجسيم والخطر العظيم هل ترضى بذلك من شيء؟! لا
أظنك أن تكون ترضى عنه منه ، فكن الحاكم دوني.
على أن الإجماع
منعقد على عدم وجوبها العيني ، كما نقله جماعة منهم الشهيد الثاني والعلامة الحلي
، بل قاطبة المتأخرين ، فانهم ذهبوا الى التخيير ، كما صرح به الشيخ الحسين بن عبد
الصمد الحارثي في عقد الطهماسبي.
وأما قوله قدسسره « لو كان الوجوب تخييرياً لما كان كذا وكذا » فهو كلام
قلد فيه زين المحققين ، والجواب عنه من قبل القائلين بالتخيير :
أما أولا ،
فبأنه محمول على المبالغة ، ونظيره في الاخبار كثير ، مثل ما ورد أن من الملعونين
من يأكل زاده وحده ، مع أن أكل الزاد وحده مكروه ، فذلك اللعن للمبالغة كالنائم
وحده.
وأما ثانياً ،
فبأنها لما كانت أفضل الواجبين ، وهو معنى الاستحباب ، بمعنى أنها واجبة تخييراً [١] أو مستحبة
عيناً ، كما في جميع افراد الواجب المخير اذا
[١] يعني : ليس
المراد باستحباب الجمعة كونها مستحبة في نفسها ، بل المراد استحباب فعلها عوضاً عن
الظهر الواجبة ، وهي أيضاً واجبة لكن هي أفضل الواجبين كما في العتق وغيره من خصال
الكفارة « منه ».