وأما الثانية ،
فلاستحالة كون الفعل الواحد مأموراً به ومنهياً عنه ، فمتى كانت منهياً عنه لا
يكون مأموراً به ، وهو معنى الفساد.
وأما الاولى ،
فلقوله عليهالسلام في صحيحة محمد بن عبد الجبار : لا تحل الصلاة في حرير
محض ، كذا في المدارك وفيه ما سبق من أن النهي في العبادات انما يقتضي فسادها اذا
كان للتحريم ، وقد عرفت أن النهي في صحيحة محمد وما شابهها للتنزيه ، ولقوله عليهالسلام في صحيحة ابن بزيع : لا بأس بالصلاة في الثوب الديباج
ما لم تكن فيه التماثيل. وقد مر الكلام فيه مستوفى.
والاجماع هنا ـ
أي : في الثاني ـ غير متحقق ، بل نقول : لو لا دعواهم الاجماع على بطلان الصلاة في
الاول ، لكان الحكم بصحتها فيه أيضاً قوياً ، اذ لا نسلم أنه يجتمع فيه الواجب
والحرام في شيء واحد ، بل المجتمع فيه انما هو الواجب والمكروه ، وهو لا يقتضي
بطلان الصلاة فيه.
وأيضاً فان
النهي في العبادة انما يقتضي الفساد اذا توجه الى عينها أو جزئها أو شرطها ،
والحرير اذا لم يكن ساتراً للعورة لا يتوجه النهي المتعلق به الى شيء من ذلك ، بل
انما يتوجه الى أمر خارج عن العبادة ، فلا يقتضي فسادها.
وعلى هذا فلو
كانت عورته وهي القبل والدبر مستورة بغير الحرير ، ثم صلى في ألبسته كلها من
الحرير صحت صلاته ، ولا يضرها تحريم لبسه مطلقاً في الصلاة وغيرها ، لانه أمر خارج
عنها.
هذا فان قلت :
لما كانت الاخبار في هذه المسألة كالمتعارضة بعضها صريح في صحة الصلاة فيما لا تتم
الصلاة فيه منفرداً من الحرير ، وهو المشهور بين الاصحاب ، وبعضها ظاهر في عدم
صحتها فيه ، فالاحتياط في الدين وما يقتضيها براءة الذمة على اليقين ترجيح جانب
المنع ، خذ الحائط من دينك ، وليس بناكب عن الصراط من سلك طريق الاحتياط.