قلت : الاحتياط
انما شرع فيما ثبت وجوبه ، كالصلاة المنسية [١] ، أو كان ثبوت الوجوب هو الاصل ، كصوم ثلاثين من رمضان
اذا غم الهلال اذ الاصل بقاء رمضان. وأما ما لا وجوب فيه ولا أصل ، فلا يجب فيه
احتياط ، والاحتياط عن الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه وحده من الحرير المحض لم
يثبت وجوبه ، وليس ثبوته هو الاصل ، بل الاصل اباحة الصلاة فيه الى أن يثبت وجود
مانع منه ولم يثبت بعد ، فالاحتياط هنا لا يصلح دليلا ، بل هو محتاج الى الدليل.
والقول بأن
الاباحة الاصلية انما تعتبر ما لم تعارضها أصالة أخرى ، وهنا قد عارضتها وهي المنع
من لبس الحرير ، مجاب بما سبق أن هذا منع تنزيه تجامعه الاباحة لا منع تحريم الا
قدر ما أخرجه الدليل وهو الاجماع ، فبقي الباقي تحت الاباحة الى أن يخرجه الدليل
وليس.
بل لا يبعد أن
يقال : ان الاجماع منعقد على اباحة ذلك ، فان المخالف فيه شرذمة قليلون منحصر في
الثلاثة بل واحد منهم ، فان كلام ابن الجنيد كما سبق في أوائل الرسالة قابل
للتأويل ، والمفيد في المقنعة لم يصرح بالمنع من ذلك ، بل ظاهر كلامه يفيد عموم
المنع ، حيث أنه لم يستثن ما استثناه غيره بل سكت عنه وأهمله ، ولعله كان متوقفاً
فيه ، فالقول بالاباحة على الكراهة قوي.
ولذلك قال
الشيخ : تكره الصلاة في التكة والقلنسوة اذا عملا من حرير محض ، واختاره ابن ادريس
، وقال أبو الصلاح : ومعفو عن الصلاة في القلنسوة والتكة والجورب والنعلين والخفين
وان كان نجساً أو حرير ، والتنزه أفضل.
وهذا الكلام من
شيخنا العلام ومن سايحه من العلماء الاعلام والفقهاء الكرام
[١] وهى صلاة نسيها
ولم يتعين عنده ، فانه يجب عليه الثلاث والخمس على الخلاف بين الخاصة والعامة
احتياطاً « منه ».