قلت : ان جماعة
من الأصحاب ومنهم المحقق لم يعملوا برواية ابن أبي حمزة هنا ، كما صرح به الشارح
الفاضل من اختيارهم القول بالتوالي ، وكذا كل من قال بروايات الشهر والسنة ووجوب
العمل بها ، نعم شر ذمة قليلة منهم عملوا بروايته وبهذا لا ينجبر ضعفه. وبالجملة
رواية العشرة ضعيفة السند.
وأما روايات
الشهر ، فهي وان كان فيها ما هو صحيح السند ، الا أنه لا ينافي القول بالتوالي
ودليله ، بل تجمع معه كما مر غير مرة ، فينبغي أن يكون مدار العمل عليه ، لركون النفس
بقوة دليله اليه ، مع أن العمل به كما عرفت لا يوجب طرح شيء من الاخبار ، بخلاف
العمل بغيره ، والجمع بين الاخبار مهما أمكن أولى من اطراح بعضها رأساً ، وخاصة
إذا كان ذلك البعض مما تلقاه بالقبول جم غفير من الفحول ، وجمع كثير من ذوي
الأحلام والعقول.
هذا وقد استبان
مما حررناه ضعف قول صاحب المدارك ، وان كان اعتبار الشهر لا يخلو من قوة ، وقوة
قول صاحب المسالك وهو أقوى.
أما الأول ،
فلما عرفته من عدم دلالة روايات الشهر على أن الفصل بين العمرتين لا بد وأن يكون
بشهر.
وأما الثاني ،
فلان بعد انتفاء دلالة روايات الشهر على الفصل بشهر وضعف رواية العشرة ، ووجوب
تأويل روايات السنة تخلصاً عن التناقض بين الاخبار ، مع إطلاق الأمر بالاعتمار ،
وعموم قول سيد الأبرار : العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما ، وقول سيدنا الصادق عليهالسلام : المعتمر يعتمر في أي شهور السنة شاء ، تثبت قوة القول
بالتوالي وعدم حد ما بين العمرتين ، فلو بدل الأقوى بالقوي لكان في محله ، إذ لا
قوة لشيء من الأقوال الثلاثة السابقة ، كما يظهر من التأمل في أطراف ما حررناه ،
فتأمل.