بوقت دون آخر ، فإذا انتفت دلالة الاخبار على التقدير ، لان بعضها كأخبار
الشهر لا دلالة عليه ، وبعضها ضعيف السند ، وبعضها مأول توفيقاً بين الاخبار ،
يثبت أن العمرة لا وقت لها ولا مدة لما بينهما ، بل تصح في كل يوم عمرة ، مع أن
السيد قد بين طريق دلالته على عدم التقدير بقوله « ولم يفصل » وحاصله أن ترك
الاستفصال دليل عموم المقال ، فيعم عمرتين بينهما فصل بشهر وعشرة أيام وغيرهما.
وأيضاً يمكن أن
يقال : انهم لما لم يكونوا عاملين باخبار الآحاد ، فأخبار السنة والشهر وعشرة أيام
ليست بمعتبرة عندهم ، وعلى هذا فلا دليل هنا يدل على تحديد ما بين العمرتين ،
ولذلك لم يجعلوا للمدة بينهما حداً لعدم الدليل عليه ، فجوزوا الاتباع بينهما
مطلقا لإطلاق الأمر بالاعتمار.
أقول : وبمثل
هذا يمكن أن يستدل من قبل العامل بأخبار الآحاد أيضاً ، لأن بعد انتفاء دلالة
روايات الشهر على الفصل بشهر وضعف رواية عشرة أيام ، يظهر أن لا دليل هنا على
تحديد ما بين العمرتين ، والتحديد بحد بدونه ترجيح لا مرجح معه ، وبه يثبت أن لا
حد للمدة بينهما ، ويؤيده أصالة عدم الحد ، فهذا الاستدلال مشترك بين الفريقين ،
وعلى التقريرين يثبت أصل المدعى ، فتأمل.
فإن قلت : ان
المحقق في المعتبر بعد أن استدل على طهارة سؤر الجلال بروايتي علي بن أبي حمزة
وعمار قال : لا يقال علي بن أبي حمزة واقفي وعمار فطحي فلا يعمل بروايتهما. لأنا
نقول : الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب وانضمام القرائن ، لأنه لو
لا ذلك لمنع العقل من العمل بخبر الثقة ، إذ لا قطع بقوله ، وهذا المعنى موجود هنا
، فإن الأصحاب عملوا برواية هؤلاء هنا كما عملوا هناك [١] انتهى. ولعله
لذلك حكم هنا باستحباب المفردة في كل عشرة أيام.