تعودوا على العصيان
والتمرد راسخة وباقية وغير قابلة للزوال إلى حد بحيث تصبح عين النفس التي
هي منشأ للعصيان ، وبمنزلة أمر جوهري وذاتي للنفس بحيث يستحيل زوالها بدون
زوال صاحب النية ، وحسن وقبح العمل ينشأ أيضاً من النية الحسنة والقبيحة ،
وموجب العذاب في هذه الصورة أمر دائمي ، ولذلك فالعذاب منبعث من ذات النفوس
الشريرة ، ومن هنا فإنه يوجد تلازم وجودي بين النفوس الشريرة وأصحاب
النيات الخبيثة ، ويستحيل أن تكون النفس المنحرفة عن الصراط الانساني مبدأً
لأعمال الخير ، والمعلول في أطوار الوجود وفي الخسة والشرف والشرية
والخيرية تابع للمؤثر والعلة ، قال تعالى : (
قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ ).
وقال : يستفاد من هذه الرواية عدة قواعد
فلسفية ، وهي : ترتب العذاب على الوجود الواقع في جهنم ، والملازمة التامة
بين النية السيئة والعذاب ، ووجوب السنخية بين الأثر ومبدئه. [١]
وفي خصوص الاستدلال العقلي على أبدية
العذاب ، فالآشتياني بالاضافة إلى استناده إلى العقل في توضيح الرواية
السابقة قد حاول إثبات خلود العذاب بقاعدة عقلية وهي العلية والمعلولية ،
وقد أشار إليه فيما سبق إجمالاً عندما قال بوجود تلازم وجودي بين النية
السيئة والعذاب ، فالآشتياني يعتقد بوجود علية ومعلولية بين العذاب ومنشأ
العذاب ، فاذا كان منشأ ومبدأ العذاب راسخاً وغير قابل للزوال كان العذاب
دائمياً وأبدياً ، فقال : إذا أصبح منشأ العذاب في النفوس الشقية مستحكماً
وذا بنيان قوي وغير زائل ، فإن موجب العذاب باق ودائمي ، والتخلص منه محال
بهذا المعنى ، وهو أنه إذا صار منشأ حدوث العذاب في الآخرة علةً لبقائه
أيضاً بهذا المعنى ، وهو أن
[١].
شرح بر زاد المسافر ، ص ٣٥٨ ؛ مقدمة اصول المعارف ، ص ٣٢٥ ، ٣٢٦.