العذاب أو صيرورته
عذباً وسائغاً ومرغوباً ، فإنه في نظر كاتب هذه السطور من الأوهام ، وفي
جميع الآيات والروايات العذاب معلق على الوجود في جهنم بهذا المعنى ، وهو
أن النيران ودركاتها ليست موضعاً للذة والرحمة ، ومحلاً للاستراحة والمسرة ،
بل آلامها متنوعة وشروها دائمة ، وبالنتيجة فانها دار العذاب والنقمة
والبلاء ، ودوام العذاب تابع للملكات الراسخة الحاصلة عن الأعمال والنيات. [١]
ولهذا فهو يتمسك بحديث منقول عن الامام
الصادق عليهالسلام
قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
ذات يوم جالساً في مسجده ، إذ دخل عليه رجل من اليهود ، قال اليهودي : فان
كان ربك لا يظلم ، فكيف يخلد في النار أبد الآبدين من لم يعصه إلّا أياماً
معدودة ؟ قال : يخلده على نيته ، فمن علم الله نيته أنه لو بقي
في الدنيا إلى إنقضائها ، كان يعصي الله عزوجل خلده في ناره على نيته ،
ونيته في ذلك شر من عمله... إلى أن قال صلىاللهعليهوآله
: والله عزّوجلّ يقول : (
قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا )
». [٢]
وعن طريق هذا الحديث يريد الآشتياني أن
يثبت بأن تكرر الأعمال القبيحة الصادرة عن الانسان يؤدي إلى رسوخ النية
السوء في باطن النفس ، فتكون غير قابلة للزوال ، وبالنتيجة يكون العذاب
دائمياً غير قابل للزوال والانقطاع حيث يقول : الجهة الباقية للعمل التي هي
منشأ الثواب والعقاب هي نفس النية الحاصلة في مقام باطن الانسان ، والتي
ينشأ العمل منها ، والعمل أمر زائل وغير باق وواقع في دار الحركات ، ومركب
من الأعراض المتباينة بحيث له صورة اعتبارية ، وجوهر وباطن ذلك هو النية ،
وهذه النية في الذين