اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 286
وحسبك قوله في خطبة أخرى : رجع قوم على
الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتّكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا
السبب الذي أمروا بمودّته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه ، فبنوه في غير مواضعه ،
معادن كل خطيئة ، وأبواب كل ضارب في غمرة ، قد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة
، على سنة من آل فرعون ، من منقطع إلى الدنيا راكن ، أو مفارق للدين مباين [١].
فما تمالكت من نفسي إلاَّ والدموع
تعاودني بالانهمار ، فوقفت مبهوتاً من هذه الأمّة ، وهؤلاء القوم الذين يدّعون
الإسلام ، ما أقوى هذه الكلمات! تركت نفسي تقرأ بكل ما أمتلك من تركيز ؛ لأني أقرأ
كلمات من سيِّد الوصيين ، وخليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وكل ذلك لم أكن أعلم بعد صدق هذه الخطب ، ولكنها هزَّت مشاعري ، وسيطرت عليَّ ،
وصرت أتساءل : هل هذه الكلمات تصدر من الإمام علي عليهالسلام؟
هل غصبت الخلافة من عنده؟ هل هذه
الكلمات لها سند معتبر؟ فبدأت تنهال عليَّ موجات عارمة من الأسئلة ، وتابعت البحث
حتى عثرت على مناشدة للإمام علي عليهالسلام
يوم الشورى [٢]
، وما أدراك ما يوم الشورى؟!!
وساق الحديث إلى أن قال : بداية الحيرة
والشك والتساؤل :
بعد تأثّري الشديد بخطب ومناشدات علي عليهالسلام الذي أوردها صاحب كتاب المراجعات في
الصفحة ٦٨٠ طبع ( الدار الإسلامية ) عام ١٩٨٦ ، صحيح أني تأثَّرت وصدمت إثر
قراءتها ، ولكن بدأت بالبحث للتأكُّد من صحّة ما يذهب
[١] نهج البلاغة ، خطب الإمام علي عليهالسلام:
٢/٣٦ ، خطبة رقم : ١٥٠ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٩/١٣٢.