وَ زَكَرِيّٰا وَ يَحْيىٰ وَ عِيسىٰ [1] فَمَنْ أَبُو عِيسَى؟فَقَالَ:لَيْسَ لَهُ أَبٌ،إِنَّمَا خُلِقَ مِنْ كَلاَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رُوحِ الْقُدُسِ.
فَقُلْتُ:إِنَّمَا أُلْحِقَ عِيسَى بِذَرَارِيِّ الْأَنْبِيَاءِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)مِنْ قِبَلِ مَرْيَمَ،وَ أُلْحِقْنَا بِذَرَارِيِّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قِبَلِ فَاطِمَةَ(عَلَيْهَا السَّلاَمُ)،لاَ مِنْ قِبَلِ عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ).فَقَالَ:أَحْسَنْتَ أَحْسَنْتَ،يَا مُوسَى،زِدْنِي مِنْ مِثْلِهِ.
فَقُلْتُ:اِجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ،بَرُّهَا وَ فَاجِرُهَا،أَنَّ حَدِيثَ النَّجْرَانِيِّ حِينَ دَعَاهُ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِلَى الْمُبَاهَلَةِ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِسَاءِ إِلاَّ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ [2]فَكَانَ تَأْوِيلُ أَبْنٰاءَنٰا الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ نِسٰاءَنٰا فَاطِمَةَ وَ أَنْفُسَنٰا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ).فَقَالَ:أَحْسَنْتَ.
ثُمَّ قَالَ:أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِكُمْ:لَيْسَ لِلْعَمِّ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ مِيرَاثٌ؟فَقُلْتُ:أَسْأَلُكَ-يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ-بِحَقِّ اللَّهِ وَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنْ تُعْفِيَنِي مِنْ تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَ كَشْفِهَا،وَ هِيَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَشْهُورَةٌ [3].فَقَالَ:إِنَّكَ قَدْ ضَمِنْتَ لِي أَنْ تُجِيبَ فِيمَا أَسْأَلُكَ،وَ لَسْتُ أُعْفِيكَ،فَقُلْتُ:فَجَدِّدْ لِيَ الْأَمَانَ.فَقَالَ:قَدْ أَمَّنْتُكَ.
فَقُلْتُ:إِنَّ النَّبِيَّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لَمْ يُوَرِّثْ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ فَلَمْ يُهَاجِرْ،وَ إِنَّ عَمِّيَ الْعَبَّاسَ قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ فَلَمْ يُهَاجِرْ،وَ إِنَّمَا كَانَ فِي عِدَادِ الْأُسَارَى عِنْدَ النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْفِدَاءُ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يُخْبِرُهُ بِدَفِينٍ لَهُ مِنْ ذَهَبٍ،فَبَعَثَ عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدِ أُمِّ الْفَضْلِ،وَ أَخْبَرَ الْعَبَّاسَ بِمَا أَخْبَرَهُ جَبْرَئِيلُ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى،فَأَذِنَ لِعَلِيٍّ،وَ أَعْطَاهُ عَلاَمَةَ الْمَوْضِعِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ:يَا ابْنَ أَخِي،مَا فَاتَنِي مِنْكَ أَكْثَرُ،وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ.فَلَمَّا أَحْضَرَ عَلِيٌّ الذَّهَبَ قَالَ الْعَبَّاسُ:أَفْقَرْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي.فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِنْ يَعْلَمِ اللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ،وَ قَوْلَهُ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهٰاجِرُوا مٰا لَكُمْ مِنْ وَلاٰيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتّٰى يُهٰاجِرُوا -ثُمَّ قَالَ:- وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ [4]،فَرَأَيْتُهُ قَدِ اغْتَمَّ».
99-/4375 _6- الطَّبْرِسِيُّ:قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «كَانَ الْفِدَاءُ يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً -اَلْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالاً-إِلاَّ الْعَبَّاسَ فَإِنَّ فِدَاءَهُ كَانَ مِائَةَ أُوقِيَّةٍ،وَ كَانَ أُخِذَ مِنْهُ حِينَ أُسِرَ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً ذَهَباً،فَقَالَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):ذَاكَ غَنِيمَةٌ،فَفَادِ نَفْسَكَ وَ ابْنَيْ أَخِيكَ نَوْفَلاً وَ عَقِيلاً.فَقَالَ:لَيْسَ مَعِي شَيْءٌ.فَقَالَ:أَيْنَ الذَّهَبُ الَّذِي سَلَّمْتَهُ إِلَى أُمِّ الْفَضْلِ،وَ قُلْتَ:إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَهُوَ لَكَ وَ لِلْفَضْلِ وَ عَبْدِ اللَّهِ؟ [5]فَقَالَ:مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا!قَالَ:
[1] الأنعام 6:84-85.
[2] آل عمران 3:61.
[3] في المصدر و«ط»:مستورة.
[4] الأنفال 8:72.
[5] في المصدر زيادة:و قثم.