وَ يُجَاهِدْ بِأَمْرِهِمْ،وَ يَحْمِلِ الْغَنِيمَةَ إِلَيْهِمْ،وَ يُفَضِّلِ الْأَئِمَّةَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ،وَ يَفْرِضْ طَاعَتَهُمْ مِثْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ فَهُوَ كَافِرٌ،حَلاَلٌ مَالُهُ وَ دَمُهُ.
وَ فِيهِ كَلاَمُ شَنَاعَةٍ مِثْلُ:اَلْمُتْعَةِ بِلاَ شُهُودٍ،وَ اسْتِحْلاَلُ الْفُرُوجِ بِأَمْرِهِ وَ لَوْ بِدِرْهَمٍ،وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ السَّلَفِ،وَ يَلْعَنُونَ عَلَيْهِمْ فِي صَلاَتِهِمْ،وَ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْهُمْ فَقَدْ بَانَتِ امْرَأَتُهُ مِنْهُ،وَ مَنْ أَخَّرَ الْوَقْتَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ،لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: أَضٰاعُوا الصَّلاٰةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوٰاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [1]يَزْعُمُونَ أَنَّهُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ.
وَ الْكِتَابُ طَوِيلٌ،وَ أَنَا قَائِمٌ أَقْرَأُ،وَ هُوَ سَاكِتٌ،فَرَفَعَ رَأْسَهُ،وَ قَالَ:قَدِ اكْتَفَيْتُ بِمَا قَرَأْتُ فَتَكَلَّمْ بِحُجَّتِكَ بِمَا قَرَأْتَ.
قُلْتُ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِالنُّبُوَّةِ مَا حَمَلَ إِلَيَّ قَطُّ أَحَدٌ دِرْهَماً وَ لاَ دِينَاراً مِنْ طَرِيقِ الْخَرَاجِ،لَكِنَّا مَعَاشِرَ آلِ أَبِي طَالِبٍ نَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي قَوْلِهِ:لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُهُ،وَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعِ غَنَمٍ لَأَجَبْتُهُ.وَ قَدْ عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ضِيقَ مَا نَحْنُ فِيهِ،وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا،وَ مَا مَنَعَنَا السَّلَفُ مِنَ الْخُمُسِ الَّذِي نَطَقَ لَنَا بِهِ الْكِتَابُ،فَضَاقَ بِنَا الْأَمْرُ،وَ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ،وَ عَوَّضَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا الْخُمُسَ،فَاضْطُرِرْنَا إِلَى قَبُولِ الْهَدِيَّةِ،وَ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا عَلِمَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.فَلَمَّا تَمَّ كَلاَمِي سَكَتَ.
ثُمَّ قُلْتُ:إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْذَنَ لاِبْنِ عَمِّهِ فِي حَدِيثٍ عَنْ آبَائِهِ،عَنِ النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟فَكَأَنَّهُ اغْتَنَمَهَا،فَقَالَ:مَأْذُونٌ لَكَ،هَاتِهِ.
فَقُلْتُ:حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):أَنَّ الرَّحِمَ إِنْ [2] مَسَّتْ رَحِماً تَحَرَّكَتْ وَ اضْطَرَبَتْ.فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُنَاوِلَنِي يَدَكَ؟فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَيَّ،ثُمَّ قَالَ:اُدْنُ.فَدَنَوْتُ،فَصَافَحَنِي وَ جَذَبَنِي إِلَى نَفْسِهِ مَلِيّاً، ثُمَّ فَارَقَنِي وَ قَدْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ،فَقَالَ لِي:اِجْلِسْ يَا مُوسَى،فَلَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ،صَدَقْتَ وَ صَدَقَ جَدُّكَ،وَ صَدَقَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،لَقَدْ تَحَرَّكَ دَمِي،وَ اضْطَرَبَتْ عُرُوقِي،وَ اعْلَمْ أَنَّكَ لَحْمِي وَ دَمِي،وَ أَنَّ الَّذِي حَدَّثْتَنِي بِهِ صَحِيحٌ، وَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَقَالَةٍ [3]،فَإِنْ أَجَبْتَنِي أَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ صَدَقْتَنِي،وَ خَلَّيْتُ عَنْكَ وَ وَصَلْتُكَ،وَ لَمْ أَقْبَلْ [4] مَا قِيلَ فِيكَ.فَقُلْتُ:مَا كَانَ عِلْمُهُ عِنْدِي أَجَبْتُكَ فِيهِ.
فَقَالَ:لِمَ لاَ تَنْهَوْنَ شِيعَتَكُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ لَكُمْ:يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.وَ أَنْتُمْ وُلْدُ عَلِيٍّ،وَ فَاطِمَةَ إِنَّمَا هِيَ وِعَاءٌ،وَ الْوَلَدُ يُنْسَبُ إِلَى الْأَبِ لاَ إِلَى الْأُمِّ؟فَقُلْتُ:إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُعْفِيَنِي مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَفَعَلَ.فَقَالَ:لَسْتُ أَفْعَلُ أَوْ أَجَبْتَ.فَقُلْتُ:فَأَنَا فِي أَمَانِكَ أَنْ لاَ يُصِيبَنِي مِنْ آفَةِ السُّلْطَانِ شَيْءٌ؟فَقَالَ:لَكَ الْأَمَانُ.
قُلْتُ:أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ،بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنٰا وَ نُوحاً هَدَيْنٰا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسىٰ وَ هٰارُونَ وَ كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*
[1] مريم 19:59.
[2] في المصدر:إذا.
[3] في المصدر و«ط»:مسألة.
[4] في المصدر:و لم أصدق.