أَبِي بَصِيرٍ،قَالَ:قَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ،إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):إِنَّ فِيكَ شَبَهاً مِنْ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ،وَ لَوْلاَ أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ،لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاً لاَ تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ،يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ».
قَالَ:«فَغَضِبَ الْأَعْرَابِيَّانِ وَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ عِدَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَهُمْ،فَقَالُوا:مَا رَضِيَ أَنْ يَضْرِبَ لاِبْنِ عَمِّهِ مَثَلاً إِلاَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ لَمّٰا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذٰا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَ قٰالُوا أَ آلِهَتُنٰا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مٰا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّٰ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلاّٰ عَبْدٌ أَنْعَمْنٰا عَلَيْهِ وَ جَعَلْنٰاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرٰائِيلَ* وَ لَوْ نَشٰاءُ لَجَعَلْنٰا مِنْكُمْ يَعْنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مَلاٰئِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ [1]».
قَالَ:«فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ،فَقَالَ:اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ،بِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلاً بَعْدَ هِرَقْلٍ،فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ.فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَقَالَةَ الْحَارِثِ، وَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ .
ثُمَّ قَالَ لَهُ:يَا ابْنَ عَمْرٍو،إِمَّا تُبْتَ،وَ إِمَّا رَحَلْتَ؟ فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،تَجْعَلُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ شَيْئاً مِمَّا فِي يَدِكَ،فَقَدْ ذَهَبَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكْرُمَةِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ،ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.
فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ مَا تُتَابِعُنِي نَفْسِي [2] عَلَى التَّوْبَةِ،وَ لَكِنْ أَرْحَلُ عَنْكَ.فَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا،فَلَمَّا صَارَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَتَتْهُ جَنْدَلَةٌ فَرَضَّتْ [3] هَامَتَهُ،ثُمَّ أَتَى الْوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَقَالَ: سَأَلَ سٰائِلٌ بِعَذٰابٍ وٰاقِعٍ* لِلْكٰافِرينَ بِوَلاَيَةِ عَلِيٍّ لَيْسَ لَهُ دٰافِعٌ* مِنَ اللّٰهِ ذِي الْمَعٰارِجِ [4]».
قَالَ:قُلْتُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،إِنَّا لاَ نَقْرَؤُهَا هَكَذَا؟فَقَالَ:«هَكَذَا أَنْزَلَ [وَ ] اللَّهِ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هَكَذَا أُثْبِتَتْ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ(عَلَيْهَا السَّلاَمُ)،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ:اِنْطَلِقُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ،فَقَدْ أَتَاهُ مَا اسْتَفْتَحَ بِهِ،قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خٰابَ كُلُّ جَبّٰارٍ عَنِيدٍ [5]».
99-/4259 _2- وَ عَنْهُ:عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ،عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ،وَ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ لَكُمْ فِي حَيَاتِي خَيْراً،وَ فِي مَمَاتِي خَيْراً.فَقِيلَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَمَّا فِي حَيَاتِكَ فَقَدْ عَلِمْنَا،فَمَا لَنَا فِي وَفَاتِكَ؟
[1] الزخرف 43:57-60.
[2] في المصدر:قلبي ما يتابعني.
[3] في المصدر:فرضخت.
[4] المعارج 70:1-3.
[5] إبراهيم 14:15.