responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 2  صفحة : 675

فَأَدْرَكَتْ قُرَيْشٌ عَلَيْهِ الْعُيُونَ،وَ رَكِبَتْ فِي طَلَبِهِ الصَّعْبَ وَ الذَّلُولَ،وَ أَمْهَلَ عَلِيٌّ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)حَتَّى إِذَا أَعْتَمَ [1]مِنَ اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ انْطَلَقَ هُوَ وَ هِنْدُ بْنُ أَبِي هَالَةَ حَتَّى دَخَلاَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي الْغَارِ،فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)هِنْداً أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ وَ لِصَاحِبِهِ بَعِيرَيْنِ.فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُ لِي وَ لَكَ-يَا نَبِيَّ اللَّهِ-رَاحِلَتَيْنِ نَرْتَحِلُهُمَا إِلَى يَثْرِبَ.فَقَالَ:إِنِّي لاَ آخُذُهُمَا،وَ لاَ أَحَدَهُمَا إِلاَّ بِالثَّمَنِ»قَالَ:فَهِيَ لَكَ بِذَلِكَ.

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَقْبَضَهُ الثَّمَنَ،ثُمَّ وَصَّاهُ بِحِفْظِ ذِمَّتِهِ وَ أَدَاءِ أَمَانَتِهِ،وَ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَدْعُوا مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأَمِينَ،وَ كَانَتْ تُودِعُهُ وَ تَسْتَحْفِظُهُ أَمْوَالَهَا وَ أَمْتِعَتَهَا،وَ كَذَلِكَ مَنْ يَقْدَمُ مَكَّةَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْمَوْسِمِ،وَ جَاءَتِ النُّبُوَّةُ وَ الرِّسَالَةُ وَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ،فَأَمَرَ عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)أَنْ يُقِيمَ صَارِخاً يَهْتِفُ بِالْأَبْطَحِ غُدْوَةً وَ عَشِيّاً:«أَلاَ مَنْ كَانَ لَهُ قِبَلَ مُحَمَّدٍ أَمَانَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَلْيَأْتِ،فَلْنُؤَدِّ إِلَيْهِ أَمَانَتَهُ».قَالَ:فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

«إِنَّهُمْ لَنْ يَصِلُوا مِنَ الْآنَ إِلَيْكَ-يَا عَلِيُّ-بِأَمْرٍ تَكْرَهُهُ حَتَّى تَقْدَمَ عَلَيَّ،فَأَدِّ أَمَانَتِي عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ ظَاهِراً،ثُمَّ إِنِّي مُسْتَخْلِفُكَ عَلَى فَاطِمَةَ ابْنَتِي،وَ مُسْتَخْلِفٌ رَبِّي عَلَيْكُمَا وَ مُسْتَحْفِظُهُ فِيكُمَا»فَأَمَرَ أَنْ يُبْتَاعَ رَوَاحِلُ لَهُ وَ لِلْفَوَاطِمِ،وَ مَنْ أَزْمَعَ الْهِجْرَةَ مَعَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ-يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَافِعٍ-:وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يَجِدُ مَا يُنْفِقُهُ هَكَذَا؟ فَقَالَ:إِنِّي سَأَلْتُ أَبِي عَمَّا سَأَلْتَنِي،وَ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ،فَقَالَ:وَ أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ عَنْ مَالِ خَدِيجَةَ(عَلَيْهَا السَّلاَمُ).

قَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)قَالَ:«مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مِثْلَ مَا نَفَعَنِي مَالُ خَدِيجَةَ»وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَفُكَّ مِنْ مَالِهَا الْغَارِمَ وَ الْعَانِيَ،وَ يَحْمِلُ الْكُلَّ،وَ يُعْطِي فِي النَّائِبَةِ،وَ يُرْفِدُ فُقَرَاءَ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ بِمَكَّةَ،وَ يَحْمِلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْهِجْرَةَ،وَ كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا رَحَلَتْ عِيرُهَا فِي الرِّحْلَتَيْنِ-يَعْنِي رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ-كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِيرِ لِخَدِيجَةَ،وَ كَانَتْ أَكْثَرَ قُرَيْشٍ مَالاً،وَ كَانَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يُنْفِقُ مِنْهُ مَا شَاءَ فِي حَيَاتِهَا،ثُمَّ وَرِثَهَا هُوَ وَ وَلَدُهَا بَعْدَ مَمَاتِهَا.

قَالَ:وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِعَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ هُوَ يُوصِيهِ:«وَ إِذَا قَضَيْتَ مَا أَمَرْتُكَ مِنْ أَمْرٍ فَكُنْ عَلَى أُهْبَةِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ،وَ انْتَظِرْ قُدُومَ كِتَابِي إِلَيْكَ،وَ لاَ تَلْبَثْ بَعْدَهُ».

وَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِوَجْهِهِ يَؤُمُّ الْمَدِينَةَ،وَ كَانَ مُقَامُهُ فِي الْغَارِ ثَلاَثاً،وَ مَبِيتُ عَلِيٍّ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) عَلَى الْفِرَاشِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ:وَ قَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):يَذْكُرُ مَبِيتَهُ عَلَى الْفِرَاشِ،وَ مُقَامَ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي الْغَارِ ثَلاَثاً نَظْماً:

وَقَيْتُ بِنَفْسِي خَيْرَ مَنْ وَطِئَ الْحَصَا وَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَ بِالْحِجْرِ
مُحَمَّدٌ لَمَّا خَافَ أَنْ يَمْكُرُوا بِهِ فَوَقَّاهُ رَبِّي ذُو الْجَلاَلِ مِنَ الْمَكْرِ
وَ بِتُّ أُرَاعِيهِمْ مَتَى يَأْسُرُونَنِي [2] وَ قَدْ وُطِّنَتْ [3] نَفْسِي عَلَى الْقَتْلِ وَ الْأَسْرِ


[1] أعتم الرجل:دخل في العتمة،أو سار في العتمة،و العتمة:ثلث الليل الأوّل،أو ظلمته،«أقرب الموارد-عتم-2:743».

[2] في المصدر:ينشرونني.

[3] في المصدر:وطئت.

اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 2  صفحة : 675
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست