responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 2  صفحة : 674

أَكُنْ فِيهِ كسيرتك [كَمَسَرَّتِكَ] ،وَ أَقَعُ مِنْهُ بِحَيْثُ مُرَادِكَ،وَ إِنْ تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ».وَ قَالَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«وَ أَنْ أُلْقِيَ عَلَيْكَ شَبَهٌ مِنِّي-أَوْ قَالَ شَبَهِي-».قَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إنْ يمعني [يَمْنَعْنِي] نَعَمْ [1].قَالَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«فَارْقُدْ عَلَى فِرَاشِي،وَ اشْتَمِلْ بِبُرْدِيَ الْحَضْرَمِيِّ،ثُمَّ إِنِّي أُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَمْتَحِنُ أَوْلِيَاءَهُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ مِنْ دِينِهِ،فَأَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الْأَنْبِيَاءُ،ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ،وَ قَدِ امْتَحَنَكَ يَا ابْنَ أُمِّ [2] وَ امْتَحَنَنِي فِيكَ بِمِثْلِ مَا امْتَحَنَ خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلَ،فَصَبْراً صَبْراً،فَإِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ».ثُمَّ ضَمَّهُ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِلَى صَدْرِهِ وَ بَكَى إِلَيْهِ وَجْداً،وَ بَكَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)جَشَعاً لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ اسْتَتْبَعَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ وَ هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ،فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقْعُدَا لَهُ بِمَكَانٍ ذَكَرَهُ لَهُمَا مِنْ طَرِيقِهِ إِلَى الْغَارِ،وَ لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِمَكَانِهِ مَعَ عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)يُوصِيهِ وَ يَأْمُرُهُ فِي ذَلِكَ بِالصَّبْرِ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَيْنِ.

ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي فَحْمَةِ [3] الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ الرَّصَدُ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ أَطَافُوا بِدَارِهِ يَنْتَظِرُونَ أَنْ يَنْتَصِفَ اللَّيْلُ وَ تَنَامَ الْأَعْيُنُ،فَخَرَجَ وَ هُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: وَ جَعَلْنٰا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنٰاهُمْ فَهُمْ لاٰ يُبْصِرُونَ [4]وَ كَانَ بِيَدِهِ قَبْضَةٌ مِنْ تُرَابٍ،فَرَمَى بِهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ،فَمَا شَعَرَ الْقَوْمُ بِهِ حَتَّى تَجَاوَزَهُمْ،وَ مَضَى حَتَّى أَتَى إِلَى هِنْدٍ وَ أَبِي بَكْرٍ فَأَنْهَضَهُمَا فَنَهَضَا مَعَهُ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الْغَارِ،ثُمَّ رَجَعَ هِنْدٌ إِلَى مَكَّةَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ أَبُو بَكْرٍ الْغَارَ.

فَلَمَّا غَلَّقَ اللَّيْلُ أَبْوَابَهُ وَ أَسْدَلَ أَسْتَارَهُ وَ انْقَطَعَ الْأَثَرُ،أَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَى عَلِيٍّ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)قَذْفاً بِالْحِجَارَةِ،فَلاَ يَشُكُّونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)حَتَّى إِذَا بَرَقَ الْفَجْرُ وَ أَشْفَقُوا أَنْ يَفْضَحَهُمُ الصُّبْحُ،هَجَمُوا عَلَى عَلِيٍّ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)وَ كَانَتْ دُورُ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ سَوَائِبُ لاَ أَبْوَابَ لَهَا،فَلَمَّا أَبْصَرَ بِهِمْ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَدِ انْتَضَوُا السُّيُوفَ وَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ بِهَا يَقْدُمُهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ،وَثَبَ لَهُ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَخَتَلَهُ وَ هَمَزَ يَدَهُ،فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْمُصُ قِمَاصَ الْبِكْرِ [5]،وَ يَرْغُو رُغَاءَ الْجَمَلِ،وَ يَذْعَرُ وَ يَصِيحُ وَ هُمْ فِي عِوَجِ [6] الدَّارِ مِنْ خَلْفِهِ،وَ شَدَّ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بِسَيْفِهِ -يَعْنِي سَيْفَ خَالِدٍ-فَأَجْفَلُوا أَمَامَهُ إِجْفَالَ النَّعَمِ إِلَى ظَاهِرِ الدَّارِ،وَ تَبَصَّرُوهُ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالُوا:وَ إِنَّكَ لَعَلِيٌّ! قَالَ:«أَنَا عَلِيُّ».قَالُوا:فَإِنَّا لَمْ نُرِدْكَ،فَمَا فَعَلَ صَاحِبُكَ؟قَالَ:«لاَ عِلْمَ لِي بِهِ»وَ قَدْ كَانَ عَلِمَ-يَعْنِي عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)-أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْجَى نَبِيَّهُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِمَا كَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ مُضِيِّهِ إِلَى الْغَارِ،وَ اخْتِبَائِهِ فِيهِ.


[1] في«ط»و المصدر:شبهي أن يمنعني.قال(عليه السّلام):نعم.و تأتي«إنّ»بمعنى(نعم)من أحرف الجواب.

[2] إنّما قال رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)لعليّ(عليه السّلام):يا ابن أمّ،لأنّ فاطمة(رضي اللّه عنها)كانت مربيّة له(صلّى اللّه عليه و آله)و كان رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)يلقبها بالأمّ.و لذا قال(صلّى اللّه عليه و آله)حين قال أمير المؤمنين(عليه السّلام):«ماتت امّي»و«بل و اللّه امّي».البحار 19:68.و في المصدر:يا ابن عمّ.

[3] الفحمة:الظلمة التي بين صلاتي العشاء.«النهاية 3:417».

[4] يس 36:9.

[5] قمص الفرس و غيره:استنّ،و هو أن يرفع يديه و يطرحهما معا،يعجن برجليه،و البكر:الفتي من الإبل.«لسان العرب-بكر-4:79 و -قمص-7:82».

[6] في المصدر:عرج.

اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 2  صفحة : 674
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست