- و
ثانيا إن لم يصرّحا بكيفية تقسيم الرّبح فمقتضى الأصل أن يكون الرّبح خاصّا بمالك
الأصل، و مقتضى الظاهر انّ العامل لم يقصد التبرّع فيستحق أجرة المثل، و مقتضى
الأصل أيضا عدم ضمان العامل فإنّه أيمن و تصرّف في المال بإذن صاحبه و ليست
معاملاته فضالية و ليس هذا النحو من تجارة العمّال معاملة خاصّة كالمضاربة، بل
ينبع في أحكامه مقتضى الأصول و القواعد.
و ثالثا إن جعلا جميع
الرّبح للعامل كان قرضا و يختلج هنا في الذهن إشكال و هو إنّ جعل الرّبح للعامل
أعم من القرض إذ لعلّه أراد بذلك هبة الرّبح للعامل مع بقاء أصل المال في ملكه و
لا يقصد نقل المال إلى العامل بعوض حتّى يقع القرض، و الجواب أنّهم لم يقصدوا
ظاهرا وقوع عقد القرض هنا بلفظ لا يدلّ عليه بل أرادوا إنّ مقتضى القاعدة ضمان
العامل فإن نقل المال إليه و إن كان غير معلوم إلّا إنّ تسليطه على ماله أمانة
أيضا غير معلوم و الأصل في اليد الضمان حتّى يثبت خلافه فيكون حكمه حكم القرض من
هذه الجهة بخلاف ما إذا جعل الرّبح مشتركا أو لصاحب المال فإنّه يجعل العامل أمينا
ظاهرا.
و رابعا: إن جعلا الرّبح
جميعا للمالك كان بضاعة، و الظاهر أنّ العامل لم يقصد التبرّع بعمله و مقتضى
القاعدة أن يكون له مطالبة أجرة المثل و يقبل قوله في عدم نيّة التبرّع، و يستفاد
من الكفاية عدم استحقاقه و هو بعيد إلّا أن يعلم بالقرينة من تخصيص الرّبح بالمالك
و رضاه به عدم توقّع الأجرة، و أمّا مع الشك فلا ريب في استحقاق كلّ عامل اجرة
عمله و مذهب الشيخ المفيد و الشيخ الطوسيّ في النهاية و ابن الجنيد و جماعة من
فقهائنا إنّ هذا مقتضى المضاربة و لا يصحّ جعل الرّبح بينهما بالنسبة فإنّه مجهول
غير جائز، بل الرّبح للمالك مطلقا و للعامل أجرة المثل. «ش».
اسم الکتاب : الوافي المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 18 صفحة : 874