اسم الکتاب : الوافي المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 18 صفحة : 710
- فمن
منع، فوجه منعه اعتبار البيع الثاني بالبيع الأوّل فأتّهمه أن يكون إنّما قصد دفع
دنانير في أكثر منها إلى أجل و هو الرّبا المنهي عنه فزور لذلك هذه الصورة ليتّصلا
بها إلى الحرام مثل أن يقول القائل لآخر أسلفني عشرة دنانير إلى شهر و أردّ عليك
عشرين دينارا، فيقول هذا لا يجوز، و لكن أبيع منك هذا الحمار بعشرين إلى شهر ثمّ
أشتريه منك بعشرة نقدا. انتهى كلامه.
أقول: التخلّص من الرّبا و
هو الفرار من الحرام إلى الحلال جائز في مذهبنا و لا يرد عليه ما ذكره مالك و
أصحابه لأنّ محل كلامنا ما يكون الحلال مقصودا لا ما إذا قصدا الحرام و تكلّما
بلفظ الحلال من غير قصد إلى معناه.
و ما ذكره من اعتبار البيع
الثاني بالبيع الأوّل فممنوع عندنا في مورد نقول بجوازه، و ذلك لأنّ الإمام عليه
السّلام قال ان كان بالخيار إن شاء باع و إن شاء لم يبع إلى آخره، فلا بأس فنحن
نجوّز ذلك في هذا المورد الخاص و هو أن لا يكون المشتري مجبورا في أن يبيع و لا
البائع مجبورا في أن يشتري ثانيا، و حاصل الكلام أنّ البيع الثاني إن كان منفصلا
عن البيع الأوّل في قصد المتبايعين و لم يكن رضاهما بوقوع البيع الأوّل معلّقا على
البيع الثاني فهذا إمارة على قصدهما البيع، و امّا إن كان رضاهما بالبيع الأوّل
معلّقا بحيث إن أبى البائع من اشتراء المال ثانيا أحسّ المشتري في نفسه أنّه لم
ينجح في مقصوده فهذا علامة أنّهما قصدا الرّبا و تلفّظا بالبيع من غير قصد معناه و
هو باطل، فكلام الإمام عليه السّلام إذا كان بالخيار إلى آخره لذكر علامة أنّهما
قصدا البيع واقعا و لو كانا قصدا الرّبا لم يكن لأحدهما أن يأبى البيع الثاني.
و أورد شيخنا المحقّق
الأنصاري «قده» هذا الحديث في باب الشروط، و انّ الشرط
الفاسد مفسد أو لا، و لم يذكر في تفسيره ما يوافق سائر الأخبار و العبارات، إذ ليس
في كلام من تعرّض العينة من العامّة و الخاصّة اشتراط البيع الثاني في عقد البيع
الأوّل و إن شئت فقايس بين العينة و بين بيع الشرط المعروف في عصرنا للتخلّص من
الرّبا فإنّهما متماثلان من هذه الجهة لأنّ العينة متقوّم معناها من معاملتين بيع
أوّل و بيع ثاني و بيع الشرط أيضا في زماننا بيع ثمّ اجاره، و معنى الرّبا يحصل من
مجموع المعاملتين في كليهما فإن قصد المتعاملان كلّ واحد من المعاملتين مستقلة عن
الأخرى و كان رضاهما بإحديهما غير معلّق بحصول الأخرى كان إمارة قصدهما البيع
حقيقة، و إن كان رضاهما معلّقا كان علامة إنّهما قصدا الرّبا.
فإذا اشترى المقرض شيئا من
المستقرض و أعطاه الثمن و كان المستقرض مختارا في أن يستأجر متاعه من المقرض أو لا
يستأجر و كان المقرض بالخيار في أن يؤجّر لهذا المستقرض أو لغيره أو لا يؤجّره
أصلا، فهذا علامة انّهما قصدا البيع و إن كانا مجبورين في أن يعقدا الإجارة في
رضاهما و عهدهما بحيث لا يكونان راضيين بالبيع إلّا مع هذه الإجارة، فهذا علامة
قصدهما الرّبا، و القرض لا البيع و هكذا حكم العينة بالنسبة إلى البيع الأوّل و
الثاني.
فما ذكره الإمام عليه
السّلام علامة يجب على المتعاملين أن يعرضا أنفسهما على هذه-
اسم الکتاب : الوافي المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 18 صفحة : 710