responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوافي المؤلف : الفيض الكاشاني    الجزء : 17  صفحة : 221

و على هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار [1] المتضمنة ذكر الجنة و النار


[1] . قوله «بسماع التغنّي بالأشعار» هذا هو الصحيح في استعمال لفظ التغنّي فإنّه مد الصوت أو الصوت كما في المصباح المنير و من فسّره بأخصّ من ذلك فإنّه أراد تفسير المقصود في عبارة بعينها أو في اصطلاح خاصّ و في النهاية لابن الأثير كل من رفع صوتا و والاه فصوته عند العرب غناء، و لا يخفى على المتتبّع صحّة هذا التفسير و هذا كلام ابن الأثير حجّة في هذا الباب، و لكن بعض المتأخّرين تصرّفوا في مفهوم الغناء و خصّوه بشي‌ء تحيّروا في بيانه و لم يهتدوا إلى ضبط مقصودهم بحيث يفهمه غيرهم.

و لو سألت أحدهم ما حدّ الغناء عندك و ما الذي تريد به، لعجز عن بيانه و أحال على العرف فرارا و هذا غير جائز لأنّ الناس عاجزون عن بيان مقاصد غيرهم خصوصا إذا عجز المتكلّمون أنفسهم عنه مثل ان يحيل النحوي تفسير الرفع و النصب على العرف و لا نسلم انّ المعنى العرفي زمان صدور الأخبار في لفظ الغناء كان أخص من معناه اللغوي حتّى يحمل الكلمة على المعنى العرفي المتداول في ذلك العصر، و أمّا عرف زماننا فلا ريب أنّه لا يحمل عليه الأحاديث الصادرة عنهم عليهم السّلام مع انّ العرب في زماننا يطلقون الغناء أيضا على معنى أعم جدا نظير ما ذكره ابن الأثير، و رأيت بعض طلبة العلوم يحيله على عرف المتشرّعة من العجم و غيرهم و هو واضح البطلان مع انّ المتشرّعة تابعون للفقهاء و الفقهاء لاهل اللغة فإذا تحيّروا تحيّروا و إذا جزموا جزموا و العوام أنفسهم يسألون الفقهاء عن معنى الغناء و أمثاله و إنّما يحال على العرف فيما يستقل استعمالهم غير تابعين للفقهاء قال الفاضل التوني في حاشية الروضة العرف غير منضبط بحيث يوجب انتفاء الاشتباه في جميع الأفراد و الاحتياط للدين الاجتناب عن كل ما يحتمل أن يكون غناء. انتهى.

و أقول ما ذكره من عدم انضباط العرف حقّ و يكفي لدفع من توهّم إحالة الغناء على العرف و غرضه عرف المتشرّعة، و أمّا عرف العرب في عصر الأئمة فلا تسلم عدم انضباطه بل هو مطلق رفع الصوت، و أمّا ما ذكره من الاحتياط فهو حسن لكنّ طريقتهم في أمثال هذه الشبهات البراءة فما علم انّه محرم وجب الاجتناب عنه و ما شكّ فالأفضل عدم وجود الاجتناب و المستفاد من الرياض في الغناء انّه الصوت اللهوي لا الصوت المشتمل على الترجيع إلى آخره. فإن أراد أن الغناء الذي حرّم في الشرع هو الصوت اللهوي فهو حقّ و إن أراد انّ الغناء في اللغة و العرف هو الصوت اللهوي فظاهر أنّه ليس كذلك بل يطلق على اللهو و غير اللهو إلّا انّ اللهو حرام و غير اللهو جائز مع صدق عليهما جميعا لكنّ أكثر استعمال الغناء في اللهو لأنّه المتداول المشهور المطلوب عند أهل الدنيا الذي صار أحد المشاغل و المعايش و يعطى بإزائه الأجرة و تجرّد جماعة للتمهّر فيه و هو المسئول عنه و المطلوب حكمه و النهي وارد عليه.

و أمّا صوت الحداء للإبل و غناء المراثي و النياحة و الحماسة و المفاخرة و أصوات الطيور فلم-

اسم الکتاب : الوافي المؤلف : الفيض الكاشاني    الجزء : 17  صفحة : 221
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست