responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 363

عائشة. و ذكر حبش أنّ فيه خفيف ثقيل لمعبد و أن خفيف الرّمل لمالك- قال معبد: فسّرت جميلة بما غنّيتها به و تبسّمت و قالت: حسبك يا أبا عبّاد! و لم تكنني قبلها و لا بعدها. ثم قالت لمالك: يا أخا طيّى‌ء هات ما عندك و جنّبنا مثل قول عبد ابن قطن [1]؛ فاندفع و غنّى بلحن لها، و قد تغنّى به أيضا معبد لها. و اللحن:

ألا من لقلب لا يملّ فيذهل‌

أفق فالتعزّي عن بثينة أجمل‌

فما هكذا أحببت من كان قبلها

و لا هكذا فيما مضى كنت تفعل‌

فإنّ التي أحببت قد حيل دونها

فكن حازما و الحازم المتحوّل‌

- لحن جميلة هكذا ثقيل أوّل بالبنصر. و فيه ألحان عدّة مع أبيات أخر من القصيدة، و هي لجميل- فقالت جميلة:

أحسنت و اللّه في غنائك و في الأداء عنّى./ أمّا قوله: «شأتك» فأراد بعدت عنك. و الشّأو: البعد، يقال: جرى الفرس شأوا أو شأوين أي طلقا أو طلقين. و المهرق: الصحيفة بما فيها من الكتاب، و الجمع مهارق؛ قال ذو الرمّة:

كمستعبر في رسم دار كأنّها

بوعساء تنضوها الجماهير [2] مهرق‌

الذلفاء التي شبب بها الأحوص‌

: و العين أن تتعيّن الإداوة أو القربة التي تخرز و يسيل الماء عن عيون الخرز. فشبّه ما بقي من الدار بتعيّن القربة و طرائق خروقها التي ينزل منها الماء شيئا بعد شي‌ء. فأما الذّلفاء التي ذكرت فيها فهي التي فتن بها أهل المدينة.

و قال بعض من كانت عنده بعد ما طلّقها:

لا بارك اللّه في دار عددت بها

طلاق ذلفاء من دار و من بلد

فلا يقولن ثلاثا قائل أبدا

إني وجدت ثلاثا أنكد العدد

فكان إذا عدّ شيئا يقول: واحد اثنان أربعة و لا يقول ثلاثة.

حديث بثينة لها عن عفة جميل و عن حالها لما سمعت نعيه‌

: و قالت جميلة: حدّثتني بثينة- و كانت صدوقة [3] اللسان جميلة الوجه حسنة البيان عفيفة البطن و الفرج- قالت: و اللّه ما أرادني جميل رحمة اللّه عليه بريبة قطّ و لا حدّثت أنا نفسي بذلك منه. و إنّ الحيّ انتجعوا موضعا، و إني لفي هودج لي أسير إذا أنا بها تف ينشد أبياتا، فلم أتمالك أن رميت بنفسي و أهل الحيّ ينظرون، فبقيت أطلب المنشد فلم أقف عليه، فناديت: أيها الهاتف بشعر جميل ما وراءك منه؟ و أنا أحسبه قد قضى نحبه و مضى لسبيله، فلم يجيبني مجيب؛ فناديت ثلاثا، و في كل ذلك لا يردّ عليّ أحد شيئا. فقال صواحباتي: أصابك يا بثينة طائف/ من الشيطان؟ فقلت: كلّا! لقد سمعت قائلا يقول! قلن:/ نحن معك و لم نسمع! فرجعت فركبت مطيّتي و أنا حيرى والهة العقل كاسفة البال، ثم سرنا. فلما كان في الليل إذا ذلك الهاتف يهتف بذلك الشعر بعينه، فرميت بنفسي و سعيت إلى الصوت، فلما قربت منه انقطع؛ فقلت: أيها الهاتف، ارحم حيرتي و سكّن عبرتي بخبر هذه‌


[1] تعني معبدا، إذ هو مولى ابن قطن.

[2] الوعساء: الرملة اللينة. و الجمهور: الرمل الكثير المتراكم الواسع.

[3] التاء في صدوقة اللسان لتوكيد المبالغة؛ فإن «فعولا» بمعنى الفاعل لا تلحقه التاء الفارقة بين المؤنث و المذكر.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست