بمالك بن أبي السّمح»- و إنه كان يأخذ غناء الناس فيزيد فيه و ينقص
منه و ينسبه الناس إليه، و كان إسحاق ينكر ذلك غاية الإنكار، و يقول: غناء مالك
كلّه مذهب واحد لا تباين فيه، و لو كان كما يقول الناس لاختلاف غناؤه، و إنما كان
إذا غنّى ألحان معبد الطّوال خفّفها و حذف بعض نغمها، و قال: أطاله معبد و مطّطه،
و حذفته أنا و حسّنته، فأمّا ألّا يكون صنع شيئا فلا.
/ أخبرني
الحسين بن يحيى قال نسخت من كتاب حمّاد: قرأت [1] على أبي و ذكر بكّار بن النبال
[2]:
أن الوليد قال
لمالك: هل تصنع الغناء؟ قال: لا، و لكنّي أزيد فيه و أنقص منه؛ فقال له: فأنت
المحلّي إذا.
قال إسحاق و
ذكر الحسن بن عتبة اللّهبي عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه الهاشميّ الحارثيّ
[3] الذي يقال له سنابل- و فيه يقول الشاعر:
فإن هي ضنّت عنك أو حيل دونها
فدعها و قل في ابن الكرام سنابل
- قال: خرجت من مكة أريد أبا العبّاس أمير
المؤمنين، فمررت على المدينة فحملت معي مالك بن أبي السّمح، فسألته يوما عن بعض ما
ينسب إليه من الغناء؛ فقال: يا أبا الفضل، عليه و عليه إن كان غنّى صوتا قطّ، و
لكني آخذه و أحسّنه و أهيئه و أطيّبه، فأصيب و يخطئون فينسب إليّ. قال إسحاق: و
ليس الأمر هكذا، لمالك صنعة كثيرة حسنة، و صنعته تجري في أسلوب واحد، و يشبه بعضها
بعضا، و لو كان كما قيل لاختلف غناؤه. و قد قيل: إنّ مالكا كان ينتفي من الصنعة
لأن أكثر الأشراف هناك كانوا ينكرون عليه، فكان يتبدّل به عند من يراه، و ينكره
عند من يذمّه، لمحلّه في بني هاشم.
/ و أخبرني
بخبر سنابل هذا محمد بن مزيد قال حدّثنا الزّبير بن بكّار قال حدّثني حمزة بن عتبة
اللّهبي عن سنابل، فذكر الخبر و خالف ما رواه إسحاق أنّ الحسن بن عتبة حدّثه و
حكاه عن حمزة بن عتبة أخيه.
أخذ صوتا من
حمار:
أخبرني الحسين
بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن هشام بن الكلبيّ عن أبيه عن محمد/ بن يزيد اللّيثيّ
قال:
سئل مالك بن
أبي السّمح عن صنعته في:
لاح بالدّير من أمامة نار
فقال: أخذته و
اللّه من خربنده [4] بالشأم يسوق أحمرة، فكان يترنّم بهذا اللّحن بلا كلام، فأخذته
فكسوته هذا الشعر.
[1]
وردت هذه العبارة في ح هكذا: «قرأت على أبي بكر و ذكر بكار أن ابن الوليد ...
إلخ»، و هو تحريف، إذ لم تعرف لحماد رواية عن أبي بكر و لكنه يروى كثيرا عن أبيه.
كما أن المذكور في سياق الخبر هو الوليد لا ابنه.
[4] كذا في
ب، س، م. و الخربنده: المكاري، و هي كلمة فارسية مركبة من «خر» و هو الحمار و
«بنده» و هو الخادم. و في سائر الأصول: «خربندج». و العرب تضع بدل الهاء في آخر
الكلمة الفارسية جميعا أو قافا للتعريب؛ مثل طازج و فالوذج في تازه و بالوده، و
خندق و فستق في كنده و بسنه.