responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 72

أن يطارحه، فلم ينشب [1] أن مهر و حذق؛ و كان ذلك بعقب مقتل هدبة بن خشرم؛ فخرج مالك يوما فسمع امرأة تنوح على زيادة الذي قتله هدبة بن خشرم بشعر أخي [2] زيادة:

أبعد الذي بالنّعف [3] نعف كويكب‌

رهينة رمس ذي تراب و جندل‌

أذكّر بالبقيا على من أصابني‌

و بقياي أنّي جاهد غير مؤتلي‌

فلا يدعني قومي لزيد بن مالك‌

لئن لم أعجّل ضربة أو أعجّل‌

و إلّا أنل ثأري من اليوم أو غد

بني عمّنا فالدهر ذو متطوّل‌

أنختم علينا كلكل الحرب مرّة

فنحن منيخوها عليكم بكلكل‌

فغنّى في هذا الشعر لحنين، أحدهما نحا فيه نحو المرأة في نوحها و رقّقه و أصلحه و زاد فيه، و الآخر نحا فيه نحو معبد في غنائه؛ ثم دخل على حمزة فقال له: أيها الأمير، إني قد صنعت غناء في شعر سمعت بعض أهل المدينة ينشده و قد أعجبني، فإن أذن الأمير غنّيته فيه؛ قال: هاته، فغنّاه اللحن الذي نحا فيه نحو معبد؛ فطرب حمزة و قال له: أحسنت يا غلام، هذا الغناء غناء معبد و طريقته؛ فقال: لا تعجل أيها الأمير و اسمع منّي شيئا ليس من غناء معبد و لا طريقته؛ قال: هات، فغنّاه اللحن الذي تشبّه فيه بنوح المرأة، فطرب حمزة حتى ألقى عليه حلّة كانت عليه/ قيمتها مائتا دينار؛ و دخل معبد فرأى حلّة حمزة عليه فأنكرها؛ و علم حمزة بذلك فأخبر معبدا بالسبب، و أمر مالكا فغنّاه الصوتين؛ فغضب معبد لما سمع الصوت الأوّل و قال: قد كرهت أن آخذ هذا الغلام فيتعلّم غنائي فيدّعيه لنفسه؛ فقال له حمزة: لا تعجل و اسمع غناء صنعه ليس من شأنك و لا غنائك، و أمره أن يغنّي الصوت الآخر فغنّاه؛ فأطرق معبد؛ فقال له حمزة: و اللّه لو انفرد بهذا لضاهاك ثم يتزايد على الأيام، و كلما كبر و زاد شخت أنت و نقصت، فلأن يكون منسوبا إليك أجمل؛ فقال له معبد و هو/ منكسر: صدق الأمير. فأمر حمزة لمعبد بخلعة من ثيابه و جائزة حتى سكن و طابت نفسه؛ فقام مالك على رجله فقبّل رأس معبد، و قال له: يا أبا عبّاد أساءك ما سمعت منّي؟ و اللّه لا أغنّي لنفسي شيئا أبدا ما دمت حيّا، و إن غلبتني نفسي فغنّيت في شعر استحسنته لا نسبته إلا إليك، فطب نفسا و ارض عنّي؛ فقال له معبد: أو تفعل هذا و تفي به؟ قال: إي و اللّه و أزيد؛ فكان مالك بعد ذلك إذا غنّى صوتا و سئل عنه قال: هذا لمعبد، ما غنّيت لنفسي شيئا قطّ، و إنما آخذ غناء معبد فأنقله إلى الأشعار و أحسّنه و أزيد فيه و أنقص منه.

كان يغني ليلة الجمعة:

أخبرني محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال حدّثنا الحسن بن عتبة اللهبيّ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اللّه أحد بني الحارث بن عبد المطلب قال:

خرجت من مكة أريد العراق، فحملت معي مالك بن أبي السّمح من المدينة، و ذلك في أيام أبي العبّاس‌


[1] يقال: لم ينشب أن فعل كذا أي لم يلبث. و حقيقته: لم يتعلق بشي‌ء غيره و لا اشتغل بسواه.

[2] هو عبد الرحمن بن زيد أخو زيادة بن زيد المقتول، كما في «الشعر و الشعراء» في «ترجمة هدبة بن خشرم» (ص 436 طبع أوروبا) و «الأغاني» (ج 21 ص 271 طبع أوروبا) في «ترجمة هدبة المذكور».

[3] النعف: ما انحدر عن غلظ الجبل و ارتفع عن مجرى السيل كالخيف.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست