السّفاح، فكان إذا كانت عشيّة الخميس قال لنا: يا معشر الرّفقة إن
الليلة ليلة الجمعة و أنا أعلم أنكم تسألوني الغناء، و عليّ و عليّ إن غنّيت ليلة/
الجمعة، فإن أردتم شيئا فالساعة اقترحوا ما أحببتم؛ فنسأله فيغنّينا، حتى إذا كادت
الشمس أن تغيب طرب ثم صاح: الحريق في دار شلمغان، ثم يمرّ في الغناء فما يكون في
ليلة أكثر غناء منه في تلك الليلة بعد الأيمان المغلّظة.
مالك بن أبي
السمح و سليمان بن علي:
أخبرني محمد بن
مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:
كان سليمان بن
عليّ يسمع من مالك بن أبي السّمح بالسّراة [1]، لأنه كان إذا قدم الشأم على الوليد
بن يزيد، عدل إليهم في بدأته و عودته لانقطاعه إليهم، فيبرّونه و يصلونه؛ فلما
أفصى إليهم الأمر رأى سليمان مالكا على باب ابنه جعفر؛ فقال له: يا بنيّ، لقد رأيت
ببابك أشبه الناس بمالك؛ فقال له جعفر: و من مالك؟- يوهمه أنه لا يعرفه- فتغافل
عنه سليمان لئلا ينبهه عليه فيطلبه، و توهّم أنه لم يعرفه و لا سمع غناءه.
قال حمّاد: و
حدّثني أبي عن جدّي إبراهيم أنه أخبره أنه رأى مالكا بالبصرة على باب جعفر بن
سليمان، أو أخيه محمد، و لم يعرفه، فسأل عنه بعد ذلك فعرفه و قد كان خرج عن
البصرة؛ قال: فمالي حسرة مثل حسرتي بأني ما سمعت غناءه.
أخبرني إسماعيل
بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو غسّان محمد بن يحيى قال:
كان مالك بن
أبي السّمح يتيما في حجر عبد اللّه بن جعفر، و كان أبوه أبو السمح صار إلى عبد
اللّه بن جعفر و انقطع إليه، فلما احتضر أوصى بمالك إليه، فكفله و عاله و ربّاه، و
أدخله في دعوة بني هاشم، فهو فيهم [2] إلى اليوم. ثم خطب حسين/ بن عبد اللّه بن
عبيد اللّه بن العبّاس العابدة [3] بنت شعيب [بن محمد] [4] بن عبد اللّه بن عمرو
بن العاص، فمنعه بعض أهلها منها و خطبها لنفسه، فعاون مالك حسينا، و كانت العابدة
تستنصحه، و كانت بين أبيها شعيب و بينه مودّة، فأجابت حسينا و تزوّجته، فانقطع
مالك إلى حسين؛ فلما أفضى الأمر إلى بني هاشم قدم البصرة على سليمان بن عليّ، فلما
دخل إليه متّ بصحبته عبد اللّه بن جعفر و دعوته في بني هاشم و انقطاعه إلى حسين؛
فقال له سليمان: أنا عارف بكلّ ما قلته يا مالك، و لكنك كما تعلم، و أخاف أن تفسد
عليّ أولادي، و أنا واصلك و معطيك ما تريد و جاعل لك/ شيئا أبعث به إليك ما دمت
حيّا في كل عام، على أن تخرج عن البصرة و ترجع إلى بلدك؛ قال: أفعل جعلني اللّه
فداك؛ فأمر له بجائزة و كسوة و حمله و زوّده إلى المدينة.
مالك بن أبي
السمح في كبره:
أخبرني عمّي
الحسن بن محمد قال حدّثنا هارون بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني محمد بن هارون بن
جناح قال أخبرني يعقوب بن إبراهيم الكوفيّ عمن أخبره قال:
[1]
يريد بالسراة هنا مكانا بعينه لم نستطع تعيينه من «معاجم البلدان».
[2] في ط، ء،
م: «و أدخلهم في دعوة بني هاشم فهم فيها إلى اليوم».
[3] في ح
هنا: «العائذة» بالذال المعجمة. و انظر الحاشية رقم 2 ص 102 من هذا الجزء.
[4] التكملة
عن كتاب «المعارف» لابن قتيبة (ص 146، و انظر الحاشية رقم 1 ص 102 من هذا الجزء).