نهاني الرشيد أن أغنّي أحدا غيره، ثم استوهبني جعفر بن يحيى و سأله
أن يأذن لي في أن أغنّيه ففعل، و اتّفقنا يوما عند جعفر بن يحيى و عنده أخوه
الفضل، و الرشيد يومئذ يعقب علّة قد عوفي منها و ليس يشرب؛ فقال لي الفضل: انصرف
إليّ الليلة حتى أهب لك مائة ألف درهم؛ فقلت له: إنّ الرشيد [1] قد نهاني ألّا
أغنّي إلّا له أو لأخيك، و ليس يخفى عليه خبري، و أنا متّهم عنده بالميل إليكم، و
لست أتعرّض له و لا أعرّضك، و لم أجبه. فلمّا نكبهم الرشيد قال: إيه يا إسحاق،
تركتني بالرّقّة و جلست ببغداد تغنّي للفضل بن يحيى! فحلفت بحياته أنّي ما جالسته
قطّ إلّا على المذاكرة و الحديث، و أنه ما سمعني قطّ أغنّي إلا عند أخيه جعفر، و
حلفت بتربة المهديّ أن يسأل عن هذا جميع من في الدار من نسائه؛ فسأل عنه فحدّثنه
بمثل ما ذكرته له، و عرف خبر المائة الألف الدرهم التي بذلها لي فرددتها عليه.
فلما دخلت عليه ضحك إليّ ثم قال: قد سألت عن أمرك فعرفت منه مثل ما عرّفتني، و قد
أمرت لك بمائة ألف درهم عوضا مما بذله لك الفضل.
تحدث بحديث
لا إسناد فيه و سئل عن ذلك فأجاب:
حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني ميمون بن هارون عن إسحاق أنه كان يقول: الإسناد قيد الحديث؛
فتحدّث مرّة بحديث لا إسناد له، فسئل عن/ إسناده، فقال: هذا من المرسلات عرفا.
أنشد الفضل
شعر نصيب فأجازه:
حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني ميمون بن هارون عن أبيه، و حدّثني عمّي عبد اللّه بن أبي سعد
قال حدّثني محمد بن عبد اللّه بن مالك عن إسحاق قال: أنشدت الفضل بن يحيى قول أبي
الحجناء نصيب مولى المهديّ فيهم:
قال فقال:
كأنّا و اللّه لم نسمع هذا الشعر قطّ، قد كنا وصلناه بثلاثين ألف درهم، و إذا
نجدّد له الساعة صلة له و لك معه لحفظك الأبيات؛ فوصلنا بثلاثين ألف درهم.
عتب عليه
المأمون في شيء فاسترضاه بشعر:
و أخبرني
الصّوليّ قال حدّثني الحسن بن يحيى الكاتب أبو الجمّاز قال:
عتب المأمون
على إسحاق في شيء؛ فكتب إليه رقعة و أوصلها إليه من يده؛ ففتحها المأمون فإذا
فيها قوله: