قال لي محمد بن أبي العتاهية: كان أبي لا يفارق الرشيد في سفر و لا
حضر إلا في طريق الحجّ، و كان يجري عليه في كل سنة خمسين ألف درهم سوى الجوائز و
المعاون. فلمّا قدم الرشيد الرّقّة، لبس أبي الصوف و تزهّد و ترك حضور المنادمة و
القول في الغزل، و أمر الرشيد بحبسه فحبس؛ فكتب إليه من وقته:
- غنّى في هذه الأبيات إبراهيم، و لحنه ثاني
ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى. و فيه أيضا ثقيل أوّل عن الهشاميّ- قال: و كتب
إليه أيضا في الحبس [3]:
و كلّفتني ما حلت بيني و بينه
و قلت سأبغي ما تريد و ما تهوى
فلو كان لي قلبان كلّفت واحدا
هواك و كلفت الخليّ لما يهوى
قال: فأمر
بإطلاقه.
حدّثني عمّي
قال حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال حدّثني الزبير بن بكّار قال
حدّثني ثابت بن الزّبير بن حبيب قال حدّثني ابن أخت أبي خالد الحربيّ قال:
قال لي الرشيد:
احبس أبا العتاهية و ضيّق عليه حتى يقول الشعر الرقيق في الغزل كما كان يقول.
فحبسته في بيت خمسة أشبار في مثلها؛ فصاح: الموت، أخرجوني، فأنا أقول كلّ ما شئتم.
فقلت: قل. فقال: حتى أتنفّس.
فأخرجته و
أعطيته دواة و قرطاسا؛ فقال أبياته التي أوّلها:
[1]
كذا في «الديوان» (ص 326) و أشير في هامشه إلى رواية أخرى هي: «كذلك يذكر». و في
جميع النسخ: «لذلك يذكر».