responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 4  صفحة : 303

قال لي محمد بن أبي العتاهية: كان أبي لا يفارق الرشيد في سفر و لا حضر إلا في طريق الحجّ، و كان يجري عليه في كل سنة خمسين ألف درهم سوى الجوائز و المعاون. فلمّا قدم الرشيد الرّقّة، لبس أبي الصوف و تزهّد و ترك حضور المنادمة و القول في الغزل، و أمر الرشيد بحبسه فحبس؛ فكتب إليه من وقته:

صوت‌

أنا اليوم لي و الحمد للّه أشهر

يروح عليّ الهمّ منكم و يبكر

تذكّر أمين اللّه حقّي و حرمتي‌

و ما كنت توليني لعلك [1] تذكر

ليالي تدني منك بالقرب مجلسي‌

و وجهك من ماء البشاشة يقطر

فمن لي بالعين التي كنت مرّة

إليّ بها في سالف الدهر تنظر

/ قال: فلمّا قرأ الرشيد الأبيات قال: قولوا له: لا بأس عليك. فكتب إليه:

صوت‌

أرقت و طار عن عيني النّعاس‌

و نام السامرون و لم يواسوا

أمين اللّه أمنك خير أمن‌

عليك من التّقى فيه لباس‌

تساس من السماء بكلّ برّ

و أنت به تسوس كما تساس‌

كأنّ الخلق ركّب فيه روح‌

له جسد و أنت عليه رأس‌

أمين اللّه إنّ الحبس بأس‌

و قد أرسلت [2]: ليس عليك باس‌

- غنّى في هذه الأبيات إبراهيم، و لحنه ثاني ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى. و فيه أيضا ثقيل أوّل عن الهشاميّ- قال: و كتب إليه أيضا في الحبس [3]:

و كلّفتني ما حلت بيني و بينه‌

و قلت سأبغي ما تريد و ما تهوى‌

فلو كان لي قلبان كلّفت واحدا

هواك و كلفت الخليّ لما يهوى‌

قال: فأمر بإطلاقه.

حدّثني عمّي قال حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال حدّثني الزبير بن بكّار قال حدّثني ثابت بن الزّبير بن حبيب قال حدّثني ابن أخت أبي خالد الحربيّ قال:

قال لي الرشيد: احبس أبا العتاهية و ضيّق عليه حتى يقول الشعر الرقيق في الغزل كما كان يقول. فحبسته في بيت خمسة أشبار في مثلها؛ فصاح: الموت، أخرجوني، فأنا أقول كلّ ما شئتم. فقلت: قل. فقال: حتى أتنفّس.

فأخرجته و أعطيته دواة و قرطاسا؛ فقال أبياته التي أوّلها:


[1] كذا في «الديوان» (ص 326) و أشير في هامشه إلى رواية أخرى هي: «كذلك يذكر». و في جميع النسخ: «لذلك يذكر».

[2] في «الديوان»: «و قد وقعت».

[3] في أ، ء، م: «من الحبس».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 4  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست