responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 4  صفحة : 284

فقال الجاحظ للمنشد: قف، ثم قال: انظروا إلى قوله:

روائح الجنّة في الشّباب‌

فإنّ له معنى كمعنى الطّرب الذي لا يقدر على معرفته إلا القلوب، و تعجز عن ترجمته الألسنة إلا بعد التطويل و إدامة التفكير. و خير المعاني ما كان القلب إلى قبوله أسرع من اللسان إلى وصفه. و هذه الأرجوزة من بدائع أبي العتاهية، و يقال: إن [له‌] [1] فيها أربعة آلاف مثل. منها قوله:

حسبك ممّا تبتغيه القوت‌

ما أكثر القوت لمن يموت‌

الفقر فيما جاوز الكفافا

من اتّقى اللّه رجا و خافا

هي المقادير فلمني أو فذر

إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر

لكلّ ما يؤذي و إن قلّ ألم‌

ما أطول اللّيل على من لم ينم‌

ما انتفع المرء بمثل عقله‌

و خير ذخر المرء حسن فعله‌

إنّ الفساد ضدّه الصّلاح‌

و ربّ جدّ جرّه المزاح‌

من جعل النّمّام عينا هلكا

مبلغك الشرّ كباغيه لكا

إنّ الشّباب و الفراغ و الجده‌

مفسدة للمرء أيّ مفسدة

/ يغنيك عن كلّ قبيح تركه‌

يرتهن الرأي الأصيل شكّه‌

ما عيش من آفته بقاؤه‌

نغّص عيشا كلّه فناؤه [2]

يا ربّ من أسخطنا بجهده‌

قد سرّنا اللّه بغير حمده‌

ما تطلع الشمس و لا تغيب‌

إلّا لأمر شأنه عجيب‌

لكلّ شي‌ء معدن و جوهر

و أوسط و أصغر و أكبر

/ من لك بالمحض و كلّ ممتزج‌

وساوس في الصّدر منه تعتلج‌

و كلّ شي‌ء لاحق بجوهره‌

أصغره متّصل بأكبره‌

ما زالت الدنيا لنا دار أذى‌

ممزوجة الصّفو بألوان القذى‌

الخير و الشرّ بها أزواج‌

لذا نتاج و لذا نتاج‌

من لك بالمحض و ليس محض‌

يخبث بعض و يطيب بعض‌

لكلّ إنسان طبيعتان‌

خير و شرّ و هما ضدّان‌

إنّك لو تستنشق الشّحيحا

وجدته أنتن شي‌ء ريحا

و الخير و الشرّ إذا ما عدّا

بينهما بون بعيد جدّا


[1] الزيادة عن أ، م.

[2] في «ديوانه» ص 348: «... عيشا طيّبا فناؤه».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 4  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست