: قالوا: و كان من حديثه أنه خرج غازيا يريد بجيلة هو و
رجل معه، و هو يريد أن يغترّهم، فيصيب حاجته، فأتى ناحية منهم، فقتل رجلا، ثم
استاق غنما كثيرة، فنذروا به، فتبعه بعضهم على خيل، و بعضهم رجّالة، و هم كثير،
فلما رآهم، و كان من أبصر الناس عرف وجوههم، فقال لصاحبه: هؤلاء قوم قد عرفتهم، و
لن يفارقونا اليوم حتى يقاتلونا أو يظفروا بحاجتهم، فجعل صاحبه ينظر، فيقول: ما
أتبيّن أحدا، حتى إذا دهموهما قال لصاحبه: اشتدّ فإني سأمنعك ما دام في يدي سهم،
فاشتد الرجل، و لقيهم تأبّط شرّا، و جعل يرميهم حتى نفدت نبله، ثم إنه اشتدّ فمرّ
بصاحبه فلم يطق شدّه، فقتل صاحبه، و هو ابن عمّ لزوجته، فلما رجع تأبّط شرّا و ليس
صاحبه معه عرفوا أنه قد قتل، فقالت له امرأته: تركت صاحبك و جئت متباطئا، فقال
تأبط شرا في ذلك:
[1]
آثرنا إثبات هذه الأبيات مع سبق
إيرادها تمشيا مع النسخ: ب، ف، مو، أما هد فقد اجتزأت بذكر المصراع الأول من البيت
الأول، و أردفته بقولها «و قد تقدمت».
[2]
عرسه: زوجته، يريد أنه ألحق بها إثما
أسرّه في نفسه فظهر، و ذلك بقتل ابن عمها.
. و فارقا متباطئا: فارقته و جئت متخفيا، و قد يكونان
من الفرقة و البطنة بمعنى جئتنا خائفا ممتلئ البطن.
[4]
يدعو على نفسه إن كان ترك صاحبه لعدد
قليل، و إنما هو جمع لا قبل لهما به، و في بعض النسخ:
«إذا ما تركت صاحبي خوف واحد أو اثنين»
إلخ.
[5]
الممر من إمرار الحبل بمعنى إحكام
فتله، أو من المرارة، و المداهن: من دهنه بمعنى ضربه، يريد أنه لا يتخلى عن خله
إذا كان ذا بأس و قوة، و في مو
«ما كنت أباء على الخيل ...
...
ضيرا مداهنا»
و لعل المعنى عليه أنني
ما كنت أضن بالنجدة حتى على من لا يخلص لي، متى كان فيه غناء.
[6]
كري معطوف على الخل في البيت السابق
أي ما كنت أبّاه على الكر، و رهط: اسم موضع؛ و هو مفعول كر، و العوص: اسم قبيلة، و
العجاهن: من معانيه القنفذ، و المعنى- فيما يبدو لنا- ما كنت أمتنع عند ما أكره عن
غزو رهط و أهله و أرض العوص، و هم فيها مسلحون شائكون كالقنافذ و العوص بفتح فسكون
كما في ف، و في هد، مو: بضم فسكون.
[7]
تدعو أي إلى الحرب، تنفرت عصافير
رأسي: كناية عن الغضب و الثورة، و العصافير: جمع عصفور، و المراد به هنا قطعة من
الدماغ تفصلها عنه جليدة رقيقة، و الفراتن: جمع فرتنى، و هي المرأة الزانية، أو
الأمة.
[8]
واكنا: حال من نحل، و سوغ مجيء الحال
من النكرة هنا وصفها يشبه الجملة بعدها، و يقال: و كن الطائر: دخل عشه. و معنى
البيت و ما قبله: لما همت بي رجال العوص لم أتقاعس، بل حملت عليهم، و لم أنتظر أن
يحيطوا بي إحاطة النحل بالخلية.