responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 156

إذا لبكت ليلى عليّ و أعولت‌

و ما نالت الثوب الذي أنا لابس [1]

فرجع إلى صحراء منعج، و هي إلى جنب أضاخ، و الحلّة قريب منها، و فيها منازل عكل، فكان يتردد و لا يقرب الحلة، و قد كان أكثر الجعل فيه، فمرّ بابني فائد/ ابن حبيب من بني أسد، ثم من بني فقعس فقال: أجيرا متنكرا، فحلبا له، فشرب و مضى لا يعرفانه، و ذهبا، ثم لبث السمهري ساعة، و كرّ راجعا فتحدث إلى أخت ابني فائد، فوجداه منبطحا على بطنه يحدثها، فنظر أحدهما إلى ساقه مكدّحة [2]، إذا كدوح طريّة، فأخبر أخاه بذلك، فنظر، فرأى ما أخبره أخوه، فارتابا به، فقال أحدهما: هذا و اللّه السمهريّ الذي جعل فيه ما جعل، فاتفقا على مضابرته [3]، فوثبا عليه، فقعد أحدهما على ظهره، و أخذ الآخر برجليه فوثب السمهري، فألقى الذي على ظهره، و قال: أ تلعبان؟ و قد ضبط رأس الذي كان على ظهره تحت إبطه، و عالجه الآخر، فجعل [4] رأسه تحت إبطه أيضا، و جعلا يعالجانه، فناديا أختهما أن تعينهما، فقالت: أ لي الشّرك في جعلكما؟ قالا: نعم، فجاءت بجرير [5] فجعلته في عنقه بأنشوطه ثم جذبته، و هو مشغول بالرّجلين يمنعهما، فلما استحكمت العقدة، و راحت من علابيّه [6] خلى عنهما، و شد أحدهما، فجاء بصرار [7]، فألقاه في رجله، و هو يداور الآخر، و الأخرى تخنقه؛ فخرّ لوجهه، فربطاه، ثم انطلقا به إلى عثمان بن حيان المرّيّ، و هو في إمارته على المدينة فأخذا ما جعل لأخذه، فكتب فيه إلى الخليفة، فكتب أن أدفعه إلى ابن أخي عون: عدي، فدفع إليه، فقال السمهريّ: أ تقتلني و أنت لا تدري أقاتل عمك أنا أم لا؟ ادن أخبرك، فأراد الدّنوّ منه، فنودي: إياك و الكلب، و إنما أراد أن يقطع أنفه، فقتله بعمه. و لما حبسه ابن حيّان في السجن تذكر زجر اللّهبيّ و صدقه، فقال:

ألا أيّها البيت الذي أنا هاجره‌

فلا البيت منسىّ و لا أنا زائره‌

/ ألا طرقت ليلى و ساقي رهينة

بأشهب مشدود عليّ مسامره [8]

فإن أنج يا ليلى فربّ فتى نجا

و إن تكن الأخرى فشي‌ء أحاذره‌

و ما أصدق الطير التي برحت لنا

و ما أعيف اللّهبيّ لا عزّ ناصره [9]

رأيت غرابا ساقطا فوق بانة

ينشنش أعلى ريشه و يطايره [10]

فقال غراب باغتراب من النوى‌

و بان ببين من حبيب تحاذره [11]


[1] هذا البيت جواب «لو» في البيت السابق.

[2] مكدحة: ذات خدوش و سحجات.

[3] مضابرته: من ضبر الشي‌ء ضبرا بمعنى جمعه و شده، أي اتفقا على شد وثاقه.

[4] فاعل جعل ضمير السمهري، و الهاء من رأسه تعود على ابن فائد الثاني.

[5] بجرير: بحبل.

[6] العلابي: أعصاب العنق.

[7] الصرار: ما يشد به خلف الناقة.

[8] بأشهب ... إلخ: يعني القيد، و مسامره نائب فاعل مشدود، و المراد بليلى هنا طيفها.

[9] برحت: مرت شمالا، ما أعيف اللهبي: ما أمهره في زجر الطير، لا عز ناصره: جملة دعائية.

[10] ينشنش أعلى ريشه: ينتفه بمنقاره نتفا خفيفا.

[11] يريد أن الغراب الذي رآه نذير الغربة، و أن البان نذير البين.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست