responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 155

البانة يطرح ريشه سيصلب، فقال السمهريّ: بفيك [1] الحجر، فقال اللهبي: بل بفيك الحجر، استخبرتني فأخبرتك ثم تغضب. ثم مضى حتى اغترز في بلاد قضاعة، و ترك بلاد غطفان [2] و ذكر بعض الرواة أنه توقف يومه و ليلته فيما يعمله؛ و هل يعود من حيث جاء ثم سار [2]. حتى أتى أرض عذرة بن سعد يستجير القوم فجاء إلى القوم متنكرا، و يستحلب الرعيان اللبن، فيحلبون له، و لقيه عبد اللّه الأحدب السعديّ: أحد بني مخزوم من بني عبد شمس، و كان أشدّ منه و ألصّ، فجنى جناية، فطلب، فترك بلاد تميم، و لحق ببلاد قضاعة، و هو على نجيبة لا تساير، فبينا السمهري يماشي راعيا لبني عذرة، و يحدثه عن خيار إبلهم، و يسأله السمهريّ عن ذلك- و إنما يسأله عن أنجاهنّ ليركبها. فيهرب بها، لئلا يفارق الأحدب- أشار له إلى ناقة، فقال السمهري: هذه [3] خير من التي تفضلها، هذه لا تجاري، فتحيّن الغفلة، فلما غفل وثب عليها، ثم صاح بها فخرجت تطير به، و ذلك في آخر الليل، فلما أصبحوا فقدوها، و فقدوه، فطلبوه في الأثر. و خرجا [4] حتى إذا كان حجر عن يسارهما، و هو واد في جبل، أو شبه الثقب فيه استقبلتهما سعة هي أوسع من الطريق، فظنا أن الطريق فيها، فسارا مليا فيها، و لا نجم يأتمان به، فلما عرفا أنهما حائدان، و التفت عليهما الجبال أمامهما، و جدّ الطلب إثر بعيريهما، و رواه و قد سلك الثقب في غير طريق عرفوا أنه سيرجع، فقعدوا له [5] بفم الثقب ثم كرا راجعين،/ و جاءت الناقة، و على رأسها مثل الكوكب من لغامها، فلما أبصر القوم همّ أن يعقر ناقتهم، فقال له الأحدب: ما هذا جزاؤها. فنزل، نزل الأحدب، فقاتلهما القوم، حتى كادوا [6] يغشون السّمهريّ فهتف بالأحدب، فطرد عنه القوم، حتى توقلا في الجبل، و في ذلك يقول السّمهريّ يعتذر من ضلاله:

و ما كنت- محيارا و لا فزع السّرى‌

و لكن حذا حجر بغير دليل [7]

و قال الأحدب في ذلك:

لمّا دعاني السمهريّ أجبته‌

بأبيض من ماء الحديد صقيل‌

و ما كنت ما اشتدّت على السيف قبضتي‌

لأسلم من حبّ الحياة زميلي‌

و قال السّمهريّ أيضا:

نجوت و نفسي عند ليلى رهينة

و قد غمّني داج من الليل دامس [8]

و غامست عن نفسي بأخلق مقصل‌

و لا خير في نفس امرئ لا تغامس [9]

و لو أن ليلى أبصرتني غدوة

و مطواي و الصفّ الذين أمارس [10]


[1] بفيك الحجر: جملة دعائية يسب بها مخاطبه.

(2- 2) تكملة من هد، هج.

[3] هذه: إشارة إلى ناقة أخرى غير التي اختارها الراعي.

[4] ضمير «خرجا» يعود على السمهري و الأحدب.

[5] له: للسمهري، و إنما أفرد الضمير هنا مع أن الحديث عن اثنين- السمهري و الأحدب- لأن الأول هو المطلوب للقوم.

[6] يغشونه: يريد يغشونه بسيوفهم، أي يضربونه بها.

[7] و لكن حذا حجر: و لكن حذوت حذا حجر بغير دليل، أي مشيت بحذائه، فأضلني، و حجر: الوادي الذي لم يستطيعا النفاذ منه، و إسناد الفزع إلى السري مجاز.

[8] غمني: غطى علي، دامس: مظلم.

[9] غامست: خضت الحرب، بأخلق مقصل: بسيف قاطع.

[10] مطواي: اسم مكان من طوي، يعني المكان الذي أقطعه، و الصف: الجمع، الذين أمارس: الذين أعاني حربهم.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست