البانة يطرح ريشه سيصلب،
فقال السمهريّ: بفيك [1] الحجر، فقال اللهبي: بل بفيك الحجر، استخبرتني فأخبرتك ثم
تغضب. ثم مضى حتى اغترز في بلاد قضاعة، و ترك بلاد غطفان [2] و ذكر بعض الرواة أنه
توقف يومه و ليلته فيما يعمله؛ و هل يعود من حيث جاء ثم سار [2]. حتى أتى أرض عذرة
بن سعد يستجير القوم فجاء إلى القوم متنكرا، و يستحلب الرعيان اللبن، فيحلبون له،
و لقيه عبد اللّه الأحدب السعديّ: أحد بني مخزوم من بني عبد شمس، و كان أشدّ منه و
ألصّ، فجنى جناية، فطلب، فترك بلاد تميم، و لحق ببلاد قضاعة، و هو على نجيبة لا
تساير، فبينا السمهري يماشي راعيا لبني عذرة، و يحدثه عن خيار إبلهم، و يسأله
السمهريّ عن ذلك- و إنما يسأله عن أنجاهنّ ليركبها. فيهرب بها، لئلا يفارق الأحدب-
أشار له إلى ناقة، فقال السمهري: هذه [3] خير من التي تفضلها، هذه لا تجاري،
فتحيّن الغفلة، فلما غفل وثب عليها، ثم صاح بها فخرجت تطير به، و ذلك في آخر
الليل، فلما أصبحوا فقدوها، و فقدوه، فطلبوه في الأثر. و خرجا [4] حتى إذا كان حجر
عن يسارهما، و هو واد في جبل، أو شبه الثقب فيه استقبلتهما سعة هي أوسع من الطريق،
فظنا أن الطريق فيها، فسارا مليا فيها، و لا نجم يأتمان به، فلما عرفا أنهما
حائدان، و التفت عليهما الجبال أمامهما، و جدّ الطلب إثر بعيريهما، و رواه و قد
سلك الثقب في غير طريق عرفوا أنه سيرجع، فقعدوا له [5] بفم الثقب ثم كرا راجعين،/
و جاءت الناقة، و على رأسها مثل الكوكب من لغامها، فلما أبصر القوم همّ أن يعقر
ناقتهم، فقال له الأحدب: ما هذا جزاؤها. فنزل، نزل الأحدب، فقاتلهما القوم، حتى
كادوا [6] يغشون السّمهريّ فهتف بالأحدب، فطرد عنه القوم، حتى توقلا في الجبل، و
في ذلك يقول السّمهريّ يعتذر من ضلاله: