responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 154

إسماعيل، و هو عامله على المدينة، و إلى عامل اليمامة أن يطلبوا قتلة عون، و يبالغوا في ذلك؛ و أن يأخذوا السّعاة به أشد أخذ، و يجعلوا لمن دلّ عليهم جعله [1]، و انشام [2] السمهريّ في بلاد غطفان في بلاد ما شاء اللّه.

ثم مرّ بنخل، فقالت عجوز من بني فزارة: أظن و اللّه هذا العكليّ الذي قتل عونا، فوثبوا عليه، فأخذوه، و مر أيوب بن سلمة المخزوميّ بهم، فقالت له بنو فزارة: هذا العكليّ قاتل عون ابن عمك، فأخذه منهم، فأتى به هشام بن إسماعيل المخزومي عامل عبد الملك على المدينة، فجحد و أبى أن يقرّ، فرفعه إلى السجن فحبسه.

و زعم آخرون أن بني عذرة أخذوه فلما عرفت إبل عون في يدي شافع بن واتر اتهموه بقتله، فأخذوه، و قالوا:

أنت قرفتنا [3]، قتلت عونا، و حبسوه بصلّ: ماء لبني أسد، و جحد، و قد كان عرف من قتله، إما أن يكون كان معهم، فورّي عنهم، و برأ نفسه، و إما أن يكون أودعوها إياه، أو باعوها منه، فقال شافع:

/

فإن سرّكم أن تعلموا أين ثأركم‌

فسلمى معان و ابن قرفة ظالم [4]

و في السجن عكليّ شريك لبهدل‌

فولّوا ذباب السّيف من هو حازم [5]

فو اللّه ما كنا جناة و لا بنا

تأوّب عونا حتفه و هو صائم [6]

فعرفوا من قتله، فألحّوا على بهدل في الطلب، و ضيقوا على السمهريّ في القيود و السجن، و جحد، فلما كان ذلك من إلحاحهم على السمهريّ أيقنت نفسه أنه غير ناج، فجعل يلتمس الخروج من السجن، فلما كان يوم الجمعة و الإمام يخطب، و قد شغل الناس بالصلاة فكّ إحدى حلقتي قيده، و رمى بنفسه من فوق السجن، و الناس في صلاتهم، فقصد نحو الحرة، فولج غارا من الحرة، و انصرف الإمام من الصلاة فخاف أهل المدينة عامتهم أتباعه، و غلقوا أبوابهم، و قال لهم الأمير: اتّبعوه فقالوا: و كيف نتبعه وحدنا، فقال لهم: أنتم ألفا رجل، فكيف تكونون وحدكم؟ فقالوا: أرسل معنا الأبلّيّين؛ و هم حرس و أعوان من أهل الأبلّة، فأعجزهم الطلب، فلما أمسى كسر الحلقة الأخرى، ثم همس [7] ليلته طلقا، فأصبح و قد قطع أرضا بعيدة، فبينا هو يمضي إذ نعب غراب عن شماله، فتطيّر، فإذا الغراب على شجرة بان ينشنش [8] ريشه، و يلقيه، فاعتاف [9] شيئا في نفسه، فمضى، و فيها ما فيها، فإذا هو قد لقي راعيا في وجهه ذلك، فسأله: من أنت؟ قال: رجل من لهب من أزد شنوءة أنتجع أهلي، فقال له:

هل عندك شي‌ء من زجر قومك؟ فقال: إني لآنس من ذلك شيئا أي/ لأبصر، فقص عليه حاله غير أنه ورّى [10] الذّنب على غيره و العيافة، و خبّره عن الغراب و الشجرة، فقال اللّهبيّ: هذا الذي فعل ما فعل، و رأى الغراب على‌


[1] الجعل: المكافأة و نحوها.

[2] انشام في بلاد غطفان: دخل فيها.

[3] القرفة: من تتّهمه بشي‌ء.

[4] في ف، هد:

«فسامى معاد»

. [5] «حازم» كذا في س، و في ف «حارم» و الذي نرجحه أن هذا و ذاك من قبيل التصحيف، و الصواب «جارم» بمعنى مذنب.

[6] تأويه حتفه: أصابته منيته.

[7] همس: سار بالليل بلا فتور.

[8] نشنش الطائر ريشه: نتفه نتفا خفيفا بمنقاره، و طيره في الهواء.

[9] اعتاف: من الاعتياف، و هو زجر الطير للتفاؤل أو التطير، و المراد هنا التطير.

[10] ورّى: يعني أنه كان ينسب أفعاله إلى غيره بقصد التعمية عن المخاطب.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست