يا عين جودي بالدّموع السّجام
على الأمير اليمنيّ الهمام
على فتى الدّنيا و صنديدها
و فارس الدّين و سيف الإمام
لا تدخري الدمع على هالك
أيتم إذ أودى جميع الأنام
طاب ثرى حلوان إذ ضمّنت
عظامه، سقيا لها من عظام
أغلقت الخيرات أبوابها
و امتنعت بعدك يا بن الكرام
و أصبحت خيلك بعد الوجا
و الغزو تشكو منك طول الجمام
ارحل بنا نقرب إلى مالك
كيما نحيّي قبره بالسّلام
كان لأهل الأرض في كفّه
غنى عن البحر و صوب الغمام
و كان في الصّبح كشمس الضّحى
و كان في الليل كبدر الظّلام [1]
وسائل يعجب من موته
و قد رآه و هو صعب المرام
/ قلت له عهدي به معلما
يضربهم عند ارتفاع القتام
و الحرب من طاولها [2] لم يكد
يفلت من وقع صقيل حسام
لم ينظر الدّهر لنا إذ عدا
على ربيع النّاس في كل عام
لن يستقيلوا أبدا فقده
ما هيّج الشّجو دعاء الحمام
قال: و قال أيضا يرثيه:
أيّ امرئ خضب الخوارج ثوبه [3]
بدم عشيّة راح من حلوان
يا حفرة ضمّت محاسن مالك
ما فيك من كرم و من إحسان
لهفي على البطل المعرّض خدّه
و جبينه لأسنة الفرسان
خرق الكتيبة معلما متكنّبا [9]
و المرهفات عليه كالنّيران
ذهبت بشاشة كلّ شيء بعده
فالأرض موحشة بلا عمران
هدم الشّراة غداة مصرع مالك
شرف العلا و مكارم البنيان
قتلوا فتى العرب الّذي كانت به
تقوى على اللّزبات [4] في الأزمان
حرموا معدّا ما لديه و أوقعوا
عصبيّة في قلب كلّ يماني
تركوه في رهج العجاج كأنه [5]
أسد يصول بساعد و بنان
هوت الجدود عن السّعود لفقده
و تمسّكت بالنّحس و الدّبران
/ لا يبعدنّ أخو خزاعة إذ ثوى
مستشهدا في طاعة الرّحمن
/ عزّ الغواة به و ذلّت أمة
محبوّة بحقائق الإيمان
[1] في المختار:
« كان بالليل كبدر التمام»
. [2] مي «حاولها».
[3] ف «تربه».
[4] ف، المختار «الأزمات». و اللزبات جمع: لزبة، و هي الشدة أو القحط.
[5] المختار «تركوه في رهج الغبار كأنه» و الرهج: الغبار أو ما أثير منه. و العجاج: الغبار.