و قالوا عزاؤك بعد الفراق
إذا حمّ مكروهه أجمل
أقيدي دما سفكته العيون
بإيماض كحلاء لا تكحل
فكلّ سهامك لي مقصد [1]
و كلّ مواقعها مقتل
سلام على المنزل المستحيل
و إن ضنّ بالمنطق المنزل
و عضب [2] الضّريبة يلقى الخطوب
بجدّ عن الدّهر لا ينكل
تغلغل شرقا إلى مغرب
فلمّا تبدّت له الموصل
ثوى حيث لا يستمال الأريب
و لا يؤلف اللّقن الحوّل
لدى ملك قابلته السّعود
و جانبه الأنجم الأفّل
لأيّامه سطوات الزّمان
و إنعامه حين لا موئل
سما مالك بك للباهرات
و أوحدك المربأ الأطول
و ليس بعيدا بأن تحتذي [3]
مذاهب آسادها الأشبل
قال: فوصله و أحسن جائزته و أقام عنده مدة، ثم استأذنه في الانصراف فلم يأذن له، و زاد في ضيافته [4] و جراياته و جدّد له صلة، فأقام عنده برهة أخرى، ثم دخل عليه فأنشده:
ألا هل إلى ظلّ العقيق و أهله [5]
إلى قصر أوس فالحزير معاد؟
و هل لي بأكناف المصلّى فسفحه
إلى السّور مغدى ناعم و مراد؟
فلم تنسني نهر الأبلّة نيّة
و لا عرصات المربدين بعاد [6]
/ هنالك لا تبني الكواعب خيمة
و لا تتهادى كلثم و سعاد
أجدّي [7] لا ألقى النّوى مطمئنّة
و لا يزدهيني مضجع و مهاد
فقال له: أبيت إلا الوطن و النّزاع إليه! ثم أمر له بعشرة آلاف درهم، و أوقر له زورقا من طرف الموصل و أذن له.
المأمون يتمثل من شعره
[8] حدثني محمد بن يحيى الصّولي، قال: حدثني أبو عبد اللّه الماقطانيّ، عن عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى، عن سعيد بن وهيب، قال:
كان المأمون كثيرا ما يتمثّل إذا كربه الأمر:
[1] مقصد: مصيب قاتل.
[2] ب «و غض الضريبة».
[3] مد:
« ليس بديعا بأن تحتذي»
. و في مي:
« ليس عجيبا بأن تحتذى»
. و في ف:
« ليس بديعا بأن تقتفى»
. [4] ف، مي «في إقامته».
[5] ب:
«ألا هل إليّ فيّ العقيق و ظلّه»
. [6] ف:
« لا يتهادى بالمرين بعاد»
. [7] ف:
«أجدك لا تلقى النوى»
. [8] من أول هنا حتى آخر الترجمة ساقط من ب ثابت في ف، مي، مم.