responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 119

بين زياد بن عبد اللّه الحارثي و كاتبه‌

أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدّثني أبو العيناء، عن الأصمعيّ، قال:

أهدى كاتب لزياد بن عبد اللّه الحارثيّ إليه طعاما، فأتي به و قد تغدّى فغضب و قال: ما أصنع به و قد أكلت؟

ادعوا أهل الصّفة [1] يأكلونه، فبعث إليهم و سأل/ كاتبه: فيم دعا أهل الصّفّة؟ فعرّف، فقال الكاتب: عرّفوه أنّ في السّلال أخبصة [2] و حلواء و دجاجا و فراخا، فأخبر بذلك، فأمر بكشفها، فلما رآها أمر برفعها فرفعت، و جاء أهل الصّفّة فأعلم، فقال: اضربوهم عشرين عشرين درّة، و احبسوهم فإنهم يفسون في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و يؤذون المصلّين، فكلّم فيهم، فقال: حلّفوهم ألّا يعاودوا و أطلقوهم.

أشعب و أبان بن عثمان و الأعرابي‌

أخبرني محمد بن مزيد، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا ابن زبالة، قال: حدثنا ابن زبنّج راوية ابن هرمة، عن أبيه، قال:

كان أبان بن عثمان من أهزل النّاس و أعبثهم [3]، و بلغ من عبثه أنه كان يجي‌ء باللّيل إلى منزل رجل في أعلى المدينة له لقب يغضب منه فيقول له: أنا فلان بن فلان، ثم يهتف بلقبه، فيشتمه أقبح شتم و أبان يضحك. فبينما نحن ذات يوم عنده و عنده أشعب إذ أقبل أعرابيّ و معه جمل له، و الأعرابيّ أشقر أزرق أزعر [4] غضوب يتلظّى كأنه أفعى، و يتبيّن الشّرّ في وجهه ما يدنو منه أحد إلا شتمه و نهره، فقال أشعب لأبان: هذا و اللّه من البادية [5] ادعوه، فدعي و قيل له: إن الأمير أبان بن عثمان يدعوك، فأتاه فسلّم عليه، فسأله أبان عن نسبه فانتسب له، فقال: حيّاك اللّه يا خالي، حبيب ازداد حبّا، فجلس، فقال له: إنّي في طلب جمل مثل جملك هذا منذ زمان فلم أجده كما أشتهي بهذه الصّفة، و هذه القامة، و اللون، و الصدر، و الورك، و الأخفاف،/ فالحمد للّه الّذي جعل ظفري به من عند من أحبّه، أ تبيعه؟ فقال: نعم أيها الأمير، فقال: فإنّي قد بذلت لك به مائة دينار- و كان الجمل يساوي عشرة دنانير- فطمع الأعرابيّ و سرّ و انتفخ، و بان السّرور و الطّمع في وجهه، فأقبل أبان على أشعب ثم قال له: ويلك يا أشعب! إنّ خالي هذا من أهلك و أقاربك- يعني في الطمع- فأوسع له ممّا عندك. فقال له: نعم بأبي أنت و زيادة، فقال له أبان: يا خالي، إنما زدتك في الثمن على بصيرة و إنما الجمل يساوي ستّين دينارا، و لكن بذلت لك مائة لقلّة النّفد عندنا، و إني أعطيك به عروضا [6] تساوي مائة، فزاد طمع الأعرابيّ و قال: قد قبلت ذلك أيّها الأمير، فأسرّ إلى أشعب، فأخرج شيئا مغطّى فقال له: أخرج ما جئت به، فأخرج جرد عمامة خزّ خلق تساوي أربعة دراهم، فقال له:

قوّمها يا أشعب، فقال له: عمامة الأمير تعرف به، و يشهد فيها الأعياد و الجمع و يلقى فيها الخلفاء؛ خمسون دينارا.


[1] أهل الصفة: فقراء المهاجرين و من لم يكن له منزل يسكنه فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه.

[2] الأخبصة جمع خبيص؛ و هي الحلواء المخلوطة من التمر و السمن.

[3] مد، و نهاية الأرب 4: 34 «و أولعهم».

[4] الأزعر: السيئ الخلق.

[5] ف «الهابة»، أي الصنف. يقال: هذا بابته: من الصنف الّذي يصلح للسخرية. و في معجم البلدان 1: 452: بابه: من قرى بخارى.

[6] العروض جمع عرض، و هو كل شي‌ء سوى الدراهم و الدنانير.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست