/ فقال الفرزدق: ما أرّق أشعاركم يا أهل الحجاز و
أملحها! قال: أ و ما تدري لمن هذا الشعر؟ فقال: لا و اللّه. قال: هو لجرير، يهجوك
به. فقال: ويل ابن المراغة ما كان أحوجه مع عفافه إلى صلابة شعري، و أحوجني مع
شهواتي إلى رقّة شعره.
الصوت الذي فوضل به بين
حبابة و سلامة و بيان ما كان من أمر المفاضلة:
و قد روى صالح بن حسّان أن
الصوت الذي اختلفت فيه حبابة و سلامة هو:
ذكر ذلك حمّاد عن أبيه عن
الهيثم بن عديّ: أنهما اختلفتا في هذا الصوت بين يدي يزيد، فقال لهما: من أين جاء
اختلافكما، و الصوت لمعبد و منه أخذتماه؟ فقالت هذه: هكذا أخذته، و قالت الأخرى:
هكذا أخذته. فقال يزيد: قد اختلفتما و معبد حيّ بعد؟ فكتب إلى عامله بالمدينة
يأمره بحمله إليه.
ثم ذكر باقي الخبر مثل ما
ذكره أبو بكر بن عيّاش.
قال صالح بن حسّان: فلما
دخل معبد إليه لم يسأله عن الصوت، و لكنه أمره أن يغنّي، فغناه فقال:
فاستحسنه و طرب ثم قال:
إنّ هاتين اختلفتا في صوت لك فاقض بينهما. فقال لحبابة: غنّي. فغنّت، و قال
لسلامة: غنّي. فغنّت، و قال: الصواب ما قالت حبابة. فقالت سلّامة: و اللّه يا ابن
الفاعلة إنك لتعلم أنّ الصواب ما قلت، و لكنك سألت أيّتهما آثر عند أمير المؤمنين فقيل
لك حبابة، فاتّبعت هواه و رضاه! فضحك يزيد و طرب، و أخذ وسادة فصيّرها على رأسه، و
قام يدور في الدار و يرقص/ و يصيح: «السمك الطريّ أربعة أرطال، عند بيطار حبان [4]» حتى دار الدار كلّها
ثم رجع فجلس مجلسه و قال شعرا، و أمر معبدا أن يغنّي فيه، فغنّى فيه و هو:
أبلغ حبابة أسقى
ربعها المطر
ما للفؤاد سوى ذكراكم وطر
إن سار صحبي لم أملك
تذكّركم
أو عرّسوا فهموم النفس و السّهر
فاستحسنه و طرب. هكذا ذكر
إسحاق في الخبر. و غيره يذكر أنّ الصنعة فيه لحبابة، و يزعم ابن خرداذبه أن الصنعة
فيه ليزيد. و ليس كما ذكر، و إنما أراد أن يوالي بين الخلفاء في الصنعة، فذكره على
غير تحصيل، و الصحيح أنه لمعبد.
[1]
الكلام بعده إلى ما قبل الصوت التالي
منقوص في ط.