و من يطيق ابن هبيرة؟!
حبابة بالليل، و هداياه بالنهار، مع أنه و إن بلغ فإنه رمل من بني سكين [1]. فلم
تزل حبابة تعمل له حتى وليها.
حدّثنا أحمد بن عبد العزيز
الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم يحدّث بهذا الحديث،
فحفظته و لم أحفظ إسناده. و حدّثنا محمد بن خلف وكيع قال حدّثني أحمد بن زهير قال:
حدّثنا مصعب الزبيري، عن مصعب بن عثمان. و قد جمعت روايتيهما قالا:
أراد يزيد بن عبد الملك أن
يشبّه بعمر بن عبد العزيز و قال: بما ذا صار عمر أرجى لربّه [2] جلّ و عزّ منّي؟
فشقّ ذلك على حبابة؟ فأرسلت إلى الأحوص.
مسلمة و يزيد بن معاوية:
هكذا في رواية وكيع، و أما
عمر بن شبّة فإنه ذكر أنّ مسلمة أقبل على يزيد يلومه في الإلحاح على الغناء و
الشّرب، و قال له: إنك وليت بعقب عمر بن عبد العزيز و عدله، و قد تشاغلت بهذه
الأمّة عن النظر في الأمور، و الوفود ببابك، و أصحاب الظّلامات يصيحون، و أنت غافل
عنهم. فقال: صدقت و اللّه، و أعتبه و همّ بترك الشّرب، و لم يدخل على حبابة أياما،
فدسّت حبابة إلى الأحوص أن يقول أبياتا في ذلك و قالت له: إن رددته عن رأيه فلك
ألف دينار. فدخل الأحوص إلى يزيد، فاستأذن في الإنشاد، فأذن له.
الغناء لمعبد، خفيف ثقيل
أوّل بالبنصر، و فيه رمل للغريض. و يقال إنه لحبابة.
قال [5]: و مكث جمعة لا
يرى حبابة و لا يدعو بها، فلما كان يوم الجمعة قالت لبعض جواريها: إذا خرج أمير
المؤمنين إلى الصلاة فأعلميني. فلما أراد الخروج أعلمتها، فتلقّته و العود في
يدها، فغنت البيت الأوّل، فغطّى وجهه و قال: مه لا تفعلي. ثم غنت:
و ما العيش إلا ما
تلذّ و تشتهي
[1]
سكين، بالتصغير: أحد أجداده، كما في
ترجمة يزيد بن عمر بن هبيرة، في «وفيات الأعيان».
[2]
الرجاء: الخوف. قال عزّ و جلّ:ما لَكُمْ لا
تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً، أي لا تخافون للّه
عظمة.