و قال فيها الشعراء
فأكثروا، و غنّى في أشعارهم المغنّون من أهل مكة و المدينة، و بلغ ذلك يزيد
فاستشنعه، فقال: هذا قبل رحلتنا و قد هممنا، فكيف لو ارتحلنا؟! و تذكر القوم/ شدّة
الفراق، و بلغه أيضا أن سليمان قد تكلّم في ذلك، فردّها، و لم تزل في قلبه حتّى
ملك، فاشترتها سعدة امرأته العثمانية، و وهبتها له.
منزلة حبابة عند يزيد:
أخبرني ابن عمّار قال
حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق قال: حدّثني أبو ذفافة المنهال بن عبد الملك،
عن مروان بن بشر بن أبي سارة مولى الوليد بن يزيد، قال:
أوّل [3] ما ارتفعت به
منزلة حبابة عند يزيد أنّه [4] أقبل يوما إلى البيت الذي هي فيه، فقام من وراء
الستر فسمعها تترنم و تغنّي و تقول:
- و الشعر كان «يا شقير» [6]- فرفع الستر فوجدها مضطجعة مقبلة على
الجدار، فعلم أنها لم تعلم [7] به و لم يكن ذاك لمكانه، فألقى نفسه عليها و حرّكت
منه.
قال المدائني: غلبت حبابة
على يزيد، و تبنّى بها عمر بن هبيرة فعلّت منزلته، حتى كان يدخل على يزيد في أيّ
وقت شاء، و حسد ناس من بني أمية مسلمة بن عبد الملك على ولايته، و قدحوا فيه عند
يزيد، و قالوا: إن مسلمة إنّ اقتطع الخراج لم يحسن يا أمير المؤمنين أن تفتشه أو تكشفه
[8] عن شيء، لسنّه و حقّه [9]، و قد علمت أنّ أمير المؤمنين لم يدخل أحدا من أهل
بيته في الخراج. فوقر ذلك في قلب يزيد [10]، و عزم على عزله، و عمل ابن هبيرة في
ولاية العراق من قبل حبابة، فعملت له في ذلك. و كان بين ابن هبيرة و بين القعقاع
بن خالد عداوة، و كانا يتنازعان و يتحاسدان، فقيل للقعقاع لقد: نزل ابن هبيرة من
أمير المؤمنين منزلة،/ إنه لصاحب العراق غدا. فقال