responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 39

/ قال: فغنّاه أحسن غناء في الأرض، و لم آخذه منه اتّكالا على قدرتي عليه. و اضطرب [1] الأمر على الفضل و صار إلى التغيّب، و شخص الشيخ إلى المدينة، فبقيت أنشد الشّعر و أسأل عنه مشايخ المغنّين، و عجائز المغنّيات، فلا أجد أحدا يعرفه، حتى قدمت البصرة، و كنت آتي جزيرتها في القيظ فأبيت بها ثم أبكر بالغداة إلى منزلي. فإنّي لداخل يوما إذا بامرأتين نبيلتين [2]، قد قامتا فأخذتا بلجام حماري، فقلت لهما: مه! قال أبو زيد في خبره: فقالت إحداهما: كيف عشقك اليوم ل «ما أحسن الجيد من مليكة» و شغفك به، فقد بلغني أنّك كنت تطلبه من كلّ أحد؟

و قد كنت رأيتك في مجلس الفضل و قد استخفّك الطّرب لهذا الصوت حتّى صفّقت. قال: فقلت لها: أشدّ و اللّه ما كنت عشقا له، و قد ألهبت بذكرك إيّاه في قلبي جمرا، و لقد طلبته ببغداد كلّها فلم أجد أحدا يسمعنيه. قالت:

أ فتحبّ أن أغنيك إياه. قلت: نعم. فغنّته و اللّه أحسن ممّا سمعته قديما بصوت خافض، فنزلت إليها فقبّلت يديها و رجليها و قلت: جعلني اللّه فداك، لو شئت لصرت معي إلى منزلي. قالت: أصنع ما ذا؟ قلت: أغنّيك و تغنّيني يومنا إلى الليل. قالت: أنت و اللّه أطفس [3] من أن تفعل ذاك، و إنّما هو عرض، و لكنّي أغنّيك حتّى تأخذه. فقلت: بأبي أنت و أمّي، و جعلني اللّه فداك من أنت؟ قالت: أنا وهبة جارية محمّد بن عمران القرويّ، التي يقول فيها فرّوح [4] الرّفاء الطّلحي:

صوت‌

يا وهب لم يبق لي شي‌ء أسرّ به‌

إلّا الجلوس فتسقيني و أسقيك [5]

و تمزجين بريق منك لي قدحا

كأنّ فيه رضاب المسك من فيك‌

يا أطيب النّاس ريقا غير مختبر

إلّا شهادة أطراف المساويك‌

قد زرتنا زورة في الدّهر واحدة

ثنّي و لا تجعليها بيضة الديك [6]

ما نلت منك سوى شي‌ء أسرّ به‌

و لست أبصر شيئا من مساويك [7]

قالت ملكت و لم تملك فقلت لها

ما كلّ مالكة تزري بمملوك‌

قال أبو زيد خاصّة: قال إسحاق: و أنشدتنيه و غنّتني فيه بصوت مليح قد صنعته فيه، ثم صارت إليّ بعد ذلك، و كانت من أحسن الناس غناء، و أحسنهم رواية. فما كانت تفوق فيه من صنعتها سائر الناس صوتها، و هو:

صوت‌

لا بدّ من سكرة على طرب‌

لعلّ روحا يدال من كرب [8]


[1] ما عدا ط، ح، مب، مط «و اطرب»، و هي لغة في اضطرب.

[2] النبيلة: الجسيمة.

[3] أطفس، من الطفس و هو القذارة. و هذا ما في ط، ح. و في سائر النسخ «أنفس».

[4] ط، مب، مط «فروج»، بالجيم.

[5] شي‌ء، في ط، مب، مط. و في سائر النسخ: «شيئا».

[6] بيضة الديك: مثل في الندرة، يقال إنه يبيض في العمر بيضة واحدة.

[7] المساوي: مقابل المحاسن.

[8] الروح: الراحة. يدال: يبدل. ما عدا ط، ح، مب، مط «يداك» محرّف.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست