قالوا: فلما كفّ تبّع عن
أهل المدينة اختلطوا بعسكره فبايعوه و خالطوهم. ثم إنّ تبّعا استوبأ بئره التي
حفرها [7]، و شكا بطنه عن مائها؛ فدخلت عليه امرأة من بني زريق يقال لها فكهة بنت
زيد بن كلدة [8] بن عامر بن زريق، و كانت ذات جلد و شرف في قومها، فشكا إليها و
بأبئره، فانطلقت فأخذت قربا و حمارين حتّى استقت له من ماء رومة، فشربه فأعجبه، و
قال: زيديني من هذا الماء. فكانت تختلف إليه في كلّ يوم بماء رومة، فلمّا حان
رحيله دعاها، فقال لها: يا فكهة، إنّه ليس معنا من الصفراء و البيضاء شيء [9]، و
لكن لك ما تركنا من أزوادنا و متاعنا. فلما خرج تبّع نقلت ما تركوه من ازوادهم و
متاعهم؛ فيقال إنه لم تزل فكهة أكثر بني زريق مالا حتّى جاء الإسلام.
قال: و خرج تبّع يريد
اليمن و معه الحبران اللذان نهياه عن المدينة، فقال حين شخص من منزله: هذه قباء
الأرض. فسمّيت قباء [10]. و مرّ بالجرف فقال؛ هذا جرف الأرض. فسمّي الجرف؛ و هو
أرفعها. و مرّ بالعرصة و تسمّى السليل فقال: هذه عرصة الأرض. ثم انحدر في العقيق
فقال: هذا عقيق الأرض. فسمّي العقيق./ ثمّ خرج يسير حتّى نزل البقيع، فنزل على
غدير ماء يقال له براجم، فشرب منه شربة فدخلت في حلقه علقة فاشتكى منها. فقال فيما
ذكر أبو مسكين قوله:
[1]
لا هم، أي اللّهم. قومه، كذا على
الصواب في ط، مب، مط. و في ج «قوله» و في سائر النسخ «نوله» محرفتان. و هو دعاء له بطول العمر.