ثم مضى حتى إذا كان بحمدان
[2] جاءه نفر من هذيل [3] فقالوا له: اجعل لنا جعلا و ندلّك على بيت مال فيه كنوز
من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و الذهب و الفضّة [4]، ليست لأهله منعة و لا شرف.
فجعل لهم على ذلك جعلا، فقالوا له: هو البيت الذي تحجّه العرب بمكة. و أرادوا بذلك
هلاكه. فتوجّه نحوه فأخذته ظلمة منعته من السّير، فدعا الحبرين فسألهما، فقالا:
هذا لما/ أجمعت عليه في هذا البيت؛ و اللّه مانعه منك، و لن تصل إليه، فاحذر أن
يصيبك ما أصاب من انتهك حرمات اللّه؛ و إنّما أراد القوم الذين أمروك به هلاكك؛
لأنه لم يرمه أحد قطّ بشرّ إلا أهلكه اللّه، فأكرمه وطف به، و احلق رأسك عنده،
فترك الذي كان أجمع عليه، و أمر بالهذليّيين فقطّع أيديهم و أرجلهم، ثم خرج يسير
حتّى أتى مكّة فنزل بالشّعب من الأبطح، و طاف بالبيت، و حلق رأسه، و كساه الخصف
[5].
محاولة تبع هدم البيت ثم
عدوله عن ذلك:
قال هشام: و حدّثني ابن
لجرير بن يزيد البجلي عن جعفر بن محمد عن أبيه. قال هشام: و حدّثني أبي عن صالح
[6] عن ابن عباس قال:
لمّا أقبل تبّع يريد هدم
البيت و صرف وجوه العرب إلى اليمن، بات صحيحا فأصبح و قد سالت عيناه على خدّيه،
فبعث إلى السّحرة و الكهّان و المنجّمين، فقال: مالي، فو اللّه [7] لقد بتّ ليلتي
ما أجد شيئا، و قد صرت إلى ما ترون. فقالوا: حدّث نفسك بخير. ففعل فارتدّ بصيرا، و
كسا البيت الخصف.
هذه رواية جعفر بن محمد عن
أبيه. و في رواية ابن عباس:
فأتي في المنام فقيل له:
اكسه أحسن من هذا. فكساه الوصائل- قال: و هي برود العصب [8]، سمّيت الوصائل لأنّها
كانت يوصل بعضها ببعض- قال: فأقام بمكة ستّة أيام يطعم الطعام، و ينحر في كلّ يوم
ألف بعير، ثم سار إلى اليمن و هو يقول: