responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 31

قتل أحيحة، ففطن أحيحة أنه يريد قتله فخرج من عنده فدخل خباءه، فشرب الخمر، و قرض أبياتا، و أمر القينة أن نغنّيه بها، و جعل تبّع عليه حرسا، و كانت قينته تدعى مليكة فقال:

يشتاق قلبي إلى مليكة لو

أمست قريبا ممن يطالبها

الأبيات. و زاد فيها مما ليس فيه غناء:

لتبكني قينة و مزهرها

و لتبكني قهوة و شاربها

و لتبكني ناقة إذا رحلت‌

و غاب في سردح مناكبها [1]

و لتبكني عصبة إذا جمعت‌

لم يعلم الناس ما عواقبها [2]

فلم تزل القينة تغنّيه بذلك يومه و عامّة ليلته [3]؛ فلما نام الحرّاس قال لها: إنّي ذاهب إلى أهلي فشدّي [4] عليك الخباء، فإذا جاء رسول الملك فقولي له: هو نائم؛ فإذا أبوا إلّا أن يوقظوني فقولي: قد رجع إلى أهله و أرسلني إلى الملك برسالة. فإن ذهبوا بك إليه فقولي له: يقول لك أحيحة: «اغدر بقينة أو دع». ثم انطلق فتحصّن في أطمه [5] الضّحيان، و أرسل تبّع من جوف الليل إلى الأزياد فقتلهم على فقارة من فقار [6] تلك الحرّة. و أرسل إلى أحيحة ليقتله، فخرجت إليهم/ القينة، فقالت: هو راقد. فانصرفوا و تردّدوا عليها مرارا؛ كلّ ذلك تقول: هو راقد.

ثم عادوا فقالوا: لتوقظنّه أو لندخلنّ عليك. قالت: فإنه قد رجع إلى أهله، و أرسلني إلى الملك برسالة. فذهبوا بها إلى الملك، فلما دخلت عليه سألها عنه، فأخبرته خبره، و قالت: يقول لك: «اغدر بقينة أو دع». فذهبت كلمة أحيحة هذه مثلا؛ فجرّد له كتيبة من خيله، ثم أرسلهم في طلبه فوجدوه قد تحصّن في أطمه، فحاصروه ثلاثا؛ يقاتلهم بالنّهار و يرميهم بالنبل و الحجارة، و يرمي إليهم بالليل/ بالتمر، فلما مضت الثلاث رجعوا إلى تبّع فقالوا:

بعثتنا [7] إلى رجل يقاتلنا بالنهار، و يضيفنا بالليل! فتركه؛ و أمرهم أن يحرّقوا نخله. و شبّت الحرب بين أهل المدينة: أوسها و خزرجها و يهودها، و بين تبّع، و تحصّنوا في الآطام. فخرج رجل من أصحاب تبّع حتى جاء بني عديّ بن النجّار؛ و هم متحصّنون في أطمهم، الذي كان في قبلة مسجدهم، فدخل حديقة من حدائقهم، فرقي عذقا منها يجدّها [8]، فاطّلع إليه رجل من بني عديّ بن النجار من الأطم يقال له أحمر أو صخر [9] بن سليمان من بني سلمة، فنزل إليه فضربه بمنجل حتّى قتله ثم ألقاه في بئر! و قال: جاءنا يجدّ نخلنا [10]، «إنّما النخل لمن أبره» [11]، فأرسلها مثلا. فلما انتهى ذلك إلى تبّع زاده حنقا و جرّد إلى بني النجّار جريدة من خيله [12]؛ فقاتلهم بنو النجّار


[1] السردح: الأرض اللينة المستوية. ط، ح: «سرنج». و السرنج: الأرض الواسعة.

[2] ط، مب، مط «إذا اجتمعت».

[3] ط، مب، مط «عامة ليله».

[4] ما عدا ط، مب، مط «فسدى» بالسين المهملة.

[5] الأطم: حصن مبني بحجارة، و هو القصر أيضا.

[6] هذا ما في ح، مب، مط. و في ط «فقرة من فقار»، و هي صحيحة أيضا، مشبهتان بفقار الظهر. و في سائر النسخ «قفارة من قفار»، تحريف.

[7] ما عدا ط، مب، مط «تبعثنا».

[8] العذق: النخلة، عند أهل الحجاز. يجدها: يقطع تمرها. ما عدا ط، مب، مط، ح «يجده»، التذكير للفظ و التأنيث للمعنى.

[9] ط «صحر» بالحاء المهملة.

[10] ما عدا ط، مب، مط «نخلتنا».

[11] الأبر و التأبير: إصلاح النخل و تشذيبه.

[12] الجريدة من الخيل: القطعة منها عليها فرسانها.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست