responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 263

كنت جالسا عند المهلّب إذ أقبل رجل طويل مضطرب، فلما رآه المهلّب قال: اللهمّ إني أعوذ بك من شرّه! فجاء فقال: أصلح اللّه الأمير، أني قد مدحتك ببيت صفده مائة ألف درهم [1]. فسكت المهلّب، فأعاد القول فقال له: أنشده. فأنشده:

فتى زاده السّلطان في الخير رغبة

إذا غيّر السّلطان كلّ خليل‌

فقال له المهلّب: يا أبا أمامة، مائة ألف؟! فو اللّه ما هي عندنا و لكن ثلاثون ألفا فيها عروض. و أمر له بها، فإذا هو زياد الأعجم.

هجاؤه للفرزدق و فزع الفرزدق منه‌

أخبرني عمي قال: حدثني الكراني و أبو العيناء عن القحذميّ قال:

لقي الفرزدق زيادا الأعجم فقال له الفرزدق: لقد هممت أن أهجو عبد القيس، و أصف من فسوهم شيئا. قال له زياد: كما أنت حتّى أسمعك شيئا. ثم قال: قل إن شئت أو أمسك. قال: هات. قال:

و ما ترك الهاجون لي إن هجوته‌

مصحّا أراه في أديم الفرزدق‌

فإنّا و ما تهدي لنا إن هجوتنا

لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق‌

فقال له الفرزدق: حسبك هلمّ نتتارك [2]. قال: ذاك إليك. و ما عاوده بشي‌ء.

و أخبرني بهذا الخبر محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا العتبي عن العباس بن هشام عن أبيه قال: حدثني خراش [3]، و كان عالما راوية لأبي، و لمؤرّج [4]، و لجابر بن كلثوم، قال:

أقبل الفرزدق و زياد ينشد الناس في المربد و قد اجتمعوا حوله، فقال: من هذا؟ قيل: الأعجم. فأقبل نحوه/ فقيل له: هذا الفرزدق قد أقبل عليك. فقام فتلقّاه و حيّا كلّ واحد منهما صاحبه، فقال له الفرزدق: ما زالت تنازعني نفسي إلى هجاء عبد القيس منذ دهر. قال زياد: و ما يدعوك إلى ذلك؟ قال: لأنّي رأيت الأشقريّ هجاكم فلم يصنع شيئا، و أنا أشعر منه، و قد عرفت الذي هيّج بينك و بينه. قال: و ما هو؟ قال إنّكم اجتمعتم في قبّة عبد اللّه بن الحشرج بخراسان، فقلت له قد قلت شيئا فمن قال مثله فهو أشعر منّي، و من لم يقل مثله و مدّ إليّ عنقه فإنّي أشعر منه. فقال لك: و ما قلت؟ فقلت: قلت:

/

و قافية حذّاء بتّ أحوكها

إذا ما سهيل في السّماء تلالا [5]

قال لك الأشقريّ:

و أقلف صلّى بعد ما ناك أمّه‌

يرى ذاك في دين المجوس حلالا


[1] الصفد: العطاء.

[2] ما عدا ح، مب، ها، ف «نتشارك»، تحريف. و المراد بالمتاركة المهادنة.

[3] أ «خداش».

[4] بالراء المشدّدة المكسورة، و هو أبو فيد عمرو بن الحارث السدوسي، قال في «القاموس» سمي بذلك لتأريجه الحرب بين بكر و تغلب. و التأريج: الإغراء.

[5] قصيدة حذاء: سائرة لا عيب فيها و لا يتعلق بها شي‌ء من القصائد لجودتها.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست