مالكا، و اللّه يا أمير
المؤمنين لقد أسرني حيّ من العرب فشدّوني وثاقا بالقد، و ألقوني بفنائهم، فبلغه
خبري فأقبل على راحلته حتى انتهى إلى القوم و هم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليّ
أعرض عنّي، و نظر القوم إليه فعدل إليهم، و عرفت ما أراد، فسلّم عليهم و حادثهم و
ضاحكهم و أنشدهم، فو اللّه إن زال كذلك حتّى ملأهم سرورا، و حضر غداؤهم فسأله
ليتغدّى معهم فنزل و أكل، ثم نظر إليّ و قال: إنّه لقبيح بنا أن نأكل و رجل ملقّى
بين أيدينا لا يأكل معنا! و أمسك يده عن الطعام. فلما رأى ذلك القوم نهضوا و صبّوا
الماء على قدّى حتى لان و خلّوني، ثم جاءوا فأجلسوني معهم على الغداء، فلمّا أكلنا
قال لهم: أ ما ترون تحرّم هذا بنا و أكله معنا، إنّه لقبيح بكم أن تردّوه إلى
القدّ، فخلّوا سبيلي فكان كما و صفت. و ما كذبت في شيء من صفته إلا أنّي و صفته
خميص البطن، و كان ذا بطن.
مشاحنة زوجة متمم له
أخبرني الحسن بن علي قال:
حدّثنا أحمد بن نصر العتيقي قال: حدّثني محمد بن الحسن بن مسعود الزرقي، عن أبيه
عن مروان بن موسى. و وجدت هذا الخبر أيضا في كتاب محمد بن علي بن حمزة العلويّ، عن
علي بن محمد النوفلي عن أبيه:
/ أن
عمر بن الخطاب قال لمتمّم بن نويرة: إنّكم أهل بيت قد تفانيتم، فلو تزوّجت عسى أن
ترزق ولدا يكون فيه بقيّة منكم. فتزوّج امرأة بالمدينة فلم ترض أخلاقه لشدّة حزنه
على أخيه، و قلّة حفله بها، فكانت تماظّه [1] و تؤذيه، فطلّقها و قال:
أخبرني محمد بن جعفر
الصيدلاني النحوي قال: حدّثنا محمد بن موسى بن حماد قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي
سعد قال: حدّثني أحمد بن معاوية، عن سلمويه بن أبي صالح [3]، عن عبد اللّه بن
المبارك عن نعيم بن أبي عمرو الرازيّ قال:
بينا طلحة و الزّبير
يسيران بين مكّة و المدينة إذ عرض لهما أعرابي، فوقفا ليمضي فوقف فتعجّلا ليسبقاه
فتعجّل، فقالا: ما أثقلك يا أعرابيّ تعجّلنا لنسبقك فتعجّلت [4]، فوقفنا لتمضي
فوقفت؟ فقال: لا إله إلا اللّه مفني أغدر الناس [5]، أغدر بأصحاب محمد صلّى اللّه
عليه و سلّم؟ هباني خفت الضّلال فأحببت أن أستدلّ بكما؛ أو خفت الوحشة فأحببت أن
أستأنس بكما. فقال طلحة: من أنت؟ قال: أنا متمم بن نويرة. فقال طلحة: وا سوأتاه،
لقد مللنا غير مملول.
هات بعض ما ذكرت في أخيك
من البكاء. فزوّجوه أمّ خالد، فبينا هو واضع رأسه على فخذها إذ بكى فقالت:
لا إله إلا اللّه، أ ما
تنسى أخاك. فأنشأ يقول:
/
أقول لها لما نهتني عن البكا
أ في مالك تلحينني أمّ خالد
[1]
في ح، أ، م «تماطه»، و إنما هي بالظاء
المعجمة. و المماظة: المنازعة و المخاصمة و المشاتمة.