responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 114

فقال: أ تعرف هذه المنازل؟ قلت: لا. قال: هذه منازلنا في ملكنا بأكناف دمشق، و هذا شعر ابن الفريعة حسّان بن ثابت، شاعر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.

إرساله صلة إلى حسان عند ما علم بأنه مضرور:

قلت: أما إنّه مضرور البصر كبير السنّ. قال: يا جارية هاتي. فأتته بخمسمائة دينار و خمسة أثواب من الدّيباج، فقال: ادفع هذا إلى حسّان و أقرئه منّي السلام.

بكاؤه من سماع شعر حسان:

ثم أرادني [1] على مثلها، فأبيت فبكى، ثم قال/ لجواريه: أبكينني. فوضعن عيدانهنّ و أنشأن يقلن:

/

تنصّرت الأشراف من عار لطمة

و ما كان فيها لو صبرت لها ضرر

تكنّفني فيها لجاج و نخوة

و بعت بها العين الصحيحة بالعور

فيا ليت أمّي لم تلدني وليتني‌

رجعت إلى القول الذي قال لي عمر

و يا ليتني أرعى المخاض بقفرة

و كنت أسيرا في ربيعة أو مضر [2]

و يا ليت لي بالشأم أدنى معيشة

أجالس قومي ذاهب السّمع و البصر

ثم بكى و بكيت معه حتّى رأيت دموعه تجول على لحيته كأنّها اللؤلؤ، ثمّ سلّمت عليه و انصرفت، فلما قدمت على عمر سألني عن هرقل و جبلة، فقصصت عليه القصّة من أوّلها إلى آخرها، فقال: أو رأيت جبلة يشرب الخمر؟

قلت: نعم. قال: أبعده اللّه، تعجّل فانية اشتراها بباقية، فلما ربحت تجارته، فهل سرّح معك شيئا؟ قلت: سرّح إلى حسان خمسمائة دينار و خمسة أثواب ديباج. فقال: هاتها. و بعث إلى حسّان فأقبل يقوده قائده حتّى دنا فسلّم، و قال: يا أمير المؤمنين، إنّي لأجد أرواح آل جفنة. فقال عمر رضي اللّه عنه: قد نزع اللّه تبارك و تعالى لك منه على رغم أنفه، و أتاك بمعونة. فانصرف عنه و هو يقول:

إنّ ابن جفنة من بقيّة معشر

لم يعذهم آباؤهم باللّوم‌

لم ينسني بالشّام إذ هو ربّها

كلّا و لا متنصّرا بالروم‌

يعطى الجزيل و لا يراه عنده‌

إلّا كبعض عطيّة المذموم‌

و أتيته يوما فقرّب مجلسي‌

و سقى فروّاني من الخرطوم [3]

/ فقال له رجل في مجلس عمر: أتذكر قوما كانوا ملوكا فأبادهم اللّه و أفناهم؟! فقال: ممن الرجل؟ قال:

مزنيّ. قال: أما و اللّه لو لا سوابق قومك مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لطوّقتك طوق الحمامة. و قال: ما كان خليلي ليخلّ بي، فما قال لك؟ قال: قال إن وجدته حيّا فادفعها إليه، و إن وجدته ميّتا فاطرح الثياب على قبره، و ابتع بهذه الدنانير بدنا


[1] ما عدا ط، ها، مط، ج «راودني».

[2] ما عدا، ط، ها، مط «بدمنة»، و ما أثبت من هذه النسخ يوافق ما في شروح «سقط الزند» 302. و الخبر فيها برواية أخرى 295- 303.

[3] الخرطوم، سبق تفسيرها في ص 160.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست