responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 12  صفحة : 412

لما صنعنا شيئا، فاتبعوه فإذا هو في دجلة يصيح بالناس- و تغلب قد رمت بأنفسها تعبر في الماء- فخرج من الماء و أقام في موضعه. فهذه الوقعة الحرجيّة لأنهم أحرجوا فألقوا أنفسهم في الماء. ثم وجّه يزيد بن حمران و تميم بن الحباب و مسلم بن ربيعة و الهذيل بن زفر في أصحابه، و أمرهم ألّا يلقوا أحدا إلا قتلوه، فانصرفوا من ليلتهم، و كلّ قد أصاب حاجته من القتل و المال، ثم مضى يستقبل الشّمال في جماعة من أصحابه، حتّى أتى رأس الأثيل، و لم يخلّ [1] بالكحيل أحدا- و الكحيل على عشرة فراسخ من الموصل فيما بينها و بين الجنوب- فصعد قبل رأس الأثيل، فوجد به عسكرا من اليمن و تغلب، فقاتلهم بقية ليلتهم، فهربت تغلب و صبرت اليمن. و هذه الليلة تسميها تغلب ليلة الهرير. ففي ذلك يقول زفر بن الحارث، و قد ذكر أنها لغيره:

و لمّا أن نعى النّاعي عميرا

حسبت سماءهم دهيت بليل‌

دهيت بليل، أي أظلمت نهارا كأن ليلا دهاها.

/

و كان النجم يطلع في قتام [2]

و خاف الذّلّ من يمن سهيل‌

/ و كنت قبيلها يا أمّ عمرو

أرجّل لمّتي [3] و أجرّ ذيلي‌

فلو نبش المقابر عن عمير

فيخبر من بلاء أبي الهذيل‌

غداة يقارع الأبطال حتى‌

جرى منهم دما مرج [4] الكحيل‌

قبيل ينهدون [5] إلى قبيل‌

تساقى الموت كيلا بعد كيل‌

و في ذلك يقول جرير يعيّر الأخطل:

أنسيت يومك بالجزيرة بعد ما

كانت عواقبه عليك وبالا!

حملت عليك حماة قيس خيلها

شعثا عوابس تحمل الأبطالا

ما زلت تحسب كلّ شي‌ء بعدهم‌

خيلا تكرّ عليكم و رجالا

زفر الرئيس أبو الهذيل أبادكم‌

فسبى النساء و أحرز الأموالا

أغراه الأخطل بشعره بأخذ الثار من تغلب ففعل وفر إلى الروم‌

فلما أن كانت سنة ثلاث و سبعين، و قتل عبد اللّه بن الزبير هدأت الفتنة و اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان، و تكافّت قيس و تغلب عن المغازي بالشام و الجزيرة، و ظنّ كلّ واحد من الفريقين أنّ عنده فضلا لصاحبه، و تكلم عبد الملك في ذلك و لم يحكم الصلح فيه، فبيناهم على تلك الحال إذ أنشد الأخطل عبد الملك بن مروان و عنده وجوه قيس قوله:

ألا سائل الجحاف هل هو ثائر

بقتلى أصيبت من سليم و عامر

!______________________________
[1] كذا في معظم الأصول، و في ف: «لم يخلف أحدا»، و في ج: «لم يتخلف أحد».

[2] القتام: الغبار. و في البيت إقواه.

[3] اللمة: الشعر المجاوز شحمة الأذن.

[4] المرج: الفضاء أو أرض ذات كلأ ترعى فيها الدواب.

[5] ينهدون: ينهضون.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 12  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست