قد
لقينها و هي سائرة في نسائهم في الجلاء [1]، في عام أصابت أهل تهامة فيه حطمة
شديدة، و كانت عزّة من أجمل النساء و أدبهن و أعقلهن [2]، و لا و اللّه ما رأى لها
وجها قطّ، إلا أنه استهيم بها قلبه لما ذكر له عنها. فلقيه رجال من الحي لما بلغهم
ذلك عنه، فقالوا له: إنك قد شهرت نفسك [3] و شهرتنا و شهرت صاحبتنا فاكفف نفسك.
قال: فإني لا أذكرها بما تكرهون. فخرجوا جالين إلى مصر في أعوام الجلاء. فتبعهم
على راحلته فزجروه، فأبى إلا أن يلحقهم بنفسه، فجلس له فتية من جديّ، قال: و كان
بنو ضمرة كلّهم يهون عليهم نسيبه لما يعرفون من براءتها، إلا ما كان من بني جديّ
[4] فإنهم كانوا صمعا غيرا [5]. فقعد له عون، أحد بني جديّ في تسعة نفر على محالج
[6]، فلما جاز بهم تحت الليل أخذوه، ثم عدلوا به عن الطريق إلى جيفة حمار/ كانوا
يعرفونها من النهار، فأدخلوه فيها و ربطوا يديه و رجليه، ثم أوثقوا بطن الحمار،
فجعل يضطرب فيه و يستغيث، و مضوا عنه، فاجتاز به خندق الأسديّ، فسمع استغاثته- و
هو خندق بن بدر- فعدل إلى الصوت حين سمعه، فوجد في الجيفة إنسانا، فسأله من هو و
ما خبره؟ فأخبره. فأطلقه و حمله و ألحقه ببلاده. فقال كثيّر في ذلك- قال الزّبير
أنشدنيها عمر بن أبي بكر المؤمّليّ عن عبد اللّه بن أبي عبيدة معمر بن المثنّى-
أ صادرة حجّاج كعب و مالك
على كلّ فتلاء الذراعين محنق
و ذكر القصيدة
كلّها على ما مضت.
أخبرني الحرميّ
[7] بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير قال حدّثنا عمر بن أبي بكر المؤمّلي عن أبي
عبيدة قال:
خندق الأسديّ
هو الذي أدخل كثيّرا في مذهب الخشبيّة [8].
كثير يرثي
خندقا حين قتل بعرفة
أخبرني محمد بن
العباس اليزيديّ قال حدّثنا محمد بن حبيب قال: