(يريد
الثور الوحشيّ). و أمّا بنو نمير فإنهم يرعون إبلهم [1] في رءوس الجبال. و أمّا
بنو هلال فيبيعون العطر. قال:
فتحمّل عامّة
بني رواحة، و آلي زهير لا يبرح مكانه حتى يصبح. و تحمّل من كان معه غير ابنيه
ورقاء و الحارث.
قال: و كان
لزهير ربيئة [2] من الجنّ فحدّثه [3]/ ببعض أمرهم حتى أصبح، و كانت له مظلّة دوج
يربط فيها أفراسه لا تريمه [4] حذرا من الحوادث. قال: فلمّا أصبح صهلت فرس منها
حين أحسّت بالخيل و هي القعساء. فقال زهير: ما لها؟! فقال ربيئته: أحسّت الخيل
فصهلت إليهن. فلم تؤذنهم [5] بهم إلا و الخيل دوائس [6]/ محاضير بالقوم غديّة.
فقال زهير و ظنّ أنهم أهل اليمن: يا أسيد ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين تعمّي
حديثهم منذ اللّيلة.
قال: و ركب
أسيد فمضى ناجيا. قال: و وثب زهير و كان شيخا نبيلا [7] فتدثّر القعساء فرسه، و هو
يومئذ شيخ قد بدن و هو يومئذ عقوق متّهم، و اعرورى [8] ورقاء و الحارث ابناه
فرسيهما، ثم خالفوا جهة ما لهم ليعمّوا على بني عامر مكان ما لهم فلا يأخذوه. فهتف
هاتف من بني عامر: يا ليحامر- يريد يحامر و هو شعار لأهل اليمن- لأن يعمّي على
الجذميّين [9] من القوم. فقال زهير: هذه اليمن، قد علمت أنها أهل اليمن! و قال
لابنه ورقاء: أنظر يا ورقاء ما ترى؟ قال ورقاء: أرى فارسا على شقراء يجهدها و
يكدّها بالسّوط قد ألحّ عليها (يعني خالدا). فقال زهير:
«شيئا [10] ما
يريد السّوط إلى الشّقراء» فذهبت مثلا، و قال في المرة الثانية: «شيئا ما يطلب
السّوط إلى الشقراء» و هي حذفة فرس خالد بن جعفر، و الفارس خالد بن جعفر. قال: و
كانت الشقراء من خيل غنيّ. قال: و تمرّدت [11] القعساء بزهير؛ و جعل خالد يقول: لا
نجوت إن نجا مجدّع (يعني زهيرا). فلمّا تمعّطت [12] القعساء بزهير و لم تتعلّق بها
حذفة، قال خالد لمعاوية الأخيل بن عبادة و كان على الهرّار (حصان أعوج) [13]: أدرك
معاوي، فأدرك معاوية زهيرا، و جعل ابناه ورقاء و الحارث يوطّشان [14] عنه (أي عن
أبيهما). قال فقال خالد: اطعن يا معاوية/ في نساها، فطعن في إحدى رجليها فانخذلت
القعساء بعض الانخذال و هي في ذلك تمعّط. فقال زهير: اطعن الأخرى، يكيده بذلك لكي
تستوي رجلاها فتحامل [15]. فناداه خالد: يا معاوية أفدّ طعنتك (أي اطعن مكانا
واحدا)، فشعشع الرّمح في رجلها فانخذلت. قال: و لحقه خالد على حذقة فجعل يده وراء
عنق زهير، فاستخفّ به
[12] التمعط
هنا: ضرب من العدو. و في «لسان العرب»: «التمعط في حضر الفرس أن يمد ضبعيه حتى لا
يجد مزيدا و يحبس رجليه حتى لا يجد مزيدا للحاق، و يكون ذلك منه في غير الاجتلاط
(الغضب) يملخ بيديه و يضرح برجليه في اجتماعهما كالسابح».
[13] في
«الأصول»: «حصان عوج». و الأعوج من الخيل: ما اعوجت قوائمه، و يستحب ذلك فيها.