responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 19

فنونا في الأحاديث، و إنما لنا فنّ واحد؛ فإن رأيت ألّا تحملني على أكتاف قومك فأدعهم حرضا [1]!. فقلت: لا أعرض لك في شي‌ء من الشعر أبدا، فأقلني في هذه المرّة. قال: من يتكفّل بك؟ قلت: أمير المؤمنين. فقال عبد الملك: هو عليّ ألّا يعرض لك أبدا؛ ثم قال: يا شعبيّ، أيّ نساء الجاهليّة أشعر؟ قلت: خنساء. قال: و لم فضّلتها على غيرها؟ قلت: لقولها:

و قائلة و النّعش [2] قد فات خطوها

لتدركه يا لهف نفسي على صخر

ألا ثكلت أمّ الذين غدوا به‌

إلى القبر! ما ذا يحملون إلى القبر

فقال عبد الملك: أشعر منها و اللّه التي تقول [3]:

مهفهف [4] الكشح و السربال منخرق‌

عنه القميص لسير الليل محتقر

/ لا يأمن الناس ممساه و مصبحه‌

في كلّ فجّ و إن لم يغز ينتظر [5]

ثم قال: يا شعبيّ، لعلّك شقّ عليك ما سمعت. قلت: إي و اللّه يا أمير المؤمنين أشدّ المشقّة. إني أحدّثك منذ شهرين لم أفدك [6] إلّا أبيات النابغة في الغلام. قال: يا شعبيّ، إنما أعلمتك هذا لأنه بلغني أنّ أهل العراق يتطاولون على أهل الشام، يقولون: إن كانوا غلبونا على الدولة فلم يغلبونا على العلم و الرواية؛ و أهل الشأم أعلم بعلم أهل العراق من أهل العراق؛ ثم ردّ عليّ الأبيات أبيات ليلى [7] حتى حفظتها، و لم أزل عنده؛ فكنت أوّل داخل و آخر خارج. قال: فمكثت كذلك سنين [8]، و جعلني في ألفين من العطاء و عشرين رجلا من ولدي و أهل بيتي في ألفين ألفين؛ فبعثني إلى أخيه عبد العزيز بن مروان بمصر و كتب إليه: يا أخي، إني قد بعثت إليك الشعبيّ، فانظر هل رأيت مثله قطّ؟! ثم أذن فانصرفت.


[1] الحرض (بالتحريك) الردي‌ء من الناس. يريد: أجعلهم بهجائي من أراذل الناس. و الحرض يوصف به المفرد مذكرا و مؤنثا و المثنى و الجمع بلفظ واحد لأنه مصدر. و يقال رجل حرض (بكسر الراء) و حارض؛ و هذان الوصفان مؤنثان و يثنيان و يجمعان.

[2] في الأصول: «و الناس». و التصويب من «أمالي السيد المرتضى» (ج 3 ص 105).

[3] هي ليلى أخت المنتشر بن وهب الباهلي- و قيل الدعجاء أخته- ترثيه بقصيدة منها هذان البيتان. و الذي في «الكامل» للمبرد أن هذين البيتين من قصيدة لأعشى باهلة يرثي بها المنتشر هذا.

[4] مهفهف الكشح: ضامره. و هفهفة السربال: رقته و خفته. و منخرق عنه القميص أي «لا يبالي كيف كانت ثيابه لأنه لا يزين نفسه، إنما يزين حسبه و يصون كرمه. و قيل معناه أنه غليظ المناكب، و إذا كان كذلك أسرع الخرق إلى قميصه. و قيل:

أرادت أنه كثير الغزوات متصل الأسفار؛ فقميصه منخرق لذلك». بهذا شرح أبو زكريا التبريزي قول ليلى الأخيلية في «ديوان الحماسة»:

و مخرّق عنه القميص تخاله‌

وسط البيوت من الحياء سقيما

[5] رواية «الكامل» للشطر الأوّل من البيت الأوّل:

مهفهف أهضم الكشحين منخرق‌

و للشطر الثاني من البيت الثاني:

من كل أوب و إن لم يأت ينتظر

[6] كذا في «ج»، و «أمالي السيد المرتضى». و «لم أفدك» جملة حالية و في «أ، م»: «إلا أفدك إلا ...» و في «ب، س»: «إني إن أحدثك» بزيادة «إن» قبل «أحدثك».

[7] تراجع الحاشية رقم 4 من ص 25 من هذا الجزء.

[8] في «ج»: «سنتين».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست