تمثل
بشعره نديم لسليمان بن وهب و كان عربد عليه و أغضبه فرضي عنه:
أخبرني عمّي
قال حدّثني الحسن بن الحسن بن رجاء عن أبيه قال:
كان لسليمان بن
[1] وهب نديم يأنس به و يألفه، فعربد عليه ليلة من الليالي عربدة قبيحة، فاطّرحه و
جفاه مدّة. فوقف له على الطريق. فلما مرّ به وثب إليه [2] فقال له: أيها الوزير، أ
لا تكون في أمري كما قال عليّ بن الجهم:
القوم إخوان صدق بينهم نسب
من المودّة لم يعدل بها نسب
تراضعوا درّة الصّهباء بينهم
فأوجبوا لرضيع الكأس ما يجب
/ لا تحفظنّ على السّكران
زلّته
و لا تريبنك من أخلاقه ريب
فقال له
سليمان: قد رضيت عنك رضا صحيحا، فعد إلى ما كنت عليه من ملازمتي.
أخبرني عمّي
قال حدّثنا محمد بن سعد قال حدّثني أسلم مولى عبد اللّه بن طاهر قال:
دخل عليّ بن
الجهم يوما على عبد اللّه بن طاهر في غدوة من غدوات الرّبيع و في السماء غيم رقيق
و المطر يجيء قليلا و يسكن قليلا، و قد كان عبد اللّه عزم على الصّبوح. فغاضبته
حظيّة له، فتنغّص عليه عزمه و فتر. فخبّر عليّ بن الجهم بالخبر و قيل له: قل في
هذا المعنى شيئا، لعله ينشط للصّبوح. فدخل عليه فأنشده:
صوت
أما ترى اليوم ما أحلى شمائله
صحو و غيم و إبراق و إرعاد
كأنّه أنت يا من لا شبيه له
وصل و هجر و تقريب و إبعاد
فباكر الرّاح و اشربها معتّقة
لم يدّخر مثلها كسرى و لا عاد
و اشرب على الرّوض إذ لاحت زخارفه
زهر و نور و أوراق و أوراد
[1]
هو أبو أيوب سليمان بن وهب بن سعيد. كتب للمأمون و هو ابن أربع عشرة سنة ثم لإيتاخ
ثم لأشناس، ثم ولي الوزارة للمهتدي باللّه ثم للمعتمد على اللّه، و قد مدحه خلق
كثير من أعيان الشعراء كأبي تمام و البحتري. و تنقل سليمان المذكور في الدواوين
الكبار و الوزارة. و لم يزل كذلك حتى توفي مقبوضا عليه في منتصف صفر سنة 272.
(راجع ابن خلكان).