أبا فرج أهجى لديك و يعتدى
عليّ فلا تحمي لذاك و تغضب
فكتبت إليه:
لعمرك ما أنصفتني في مودّتي
فكن معتبا إنّ الأكارم تعتب
عجبت لما بلّغت عنّي باطلا
و ظنّك بي فيه لعمرك أعجب
ثكلت إذا نفسي و عرسي و أسرتي
بفقدي و لا أدركت ما كنت أطلب
فكيف بمن لا حظّ لي في لقائه
و سيّان عندي وصله و التجنّب
فثق بأخ أصفاك محض مودّة
تشاكل منها ما بدا و المغيّب
و قال من قصيدة يرثي بها ديكا و هي من أجود ما قيل في مراثي الحيوان:
خطب طرقت به أمرّ طروق
فظّ الحلول عليّ غير شفيق
فكأنما نوب الزمان محيطة
بي راصدات [1] لي بكلّ طريق
حتى متى تنحي [2] عليّ صروفها
و تغصّني فجعاتها بالريق
ذهبت بكل مصاحب و مناسب
و موافق و مرافق و صديق
حتى بديك كنت آلف قربه
حسن إليّ من الديوك رشيق
و منها:
لهفي عليك أبا النذير لو انّه
دفع المنايا عنك لهف شفيق
و على شمائلك اللواتي ما نمت
حتى ذوت من بعد حسن سموق [3]
لما بقعت [4] و صرت علق مضنّة [5]
و نشأت نشء المقبل الموموق [6]
و تكاملت جمل الجمال بأسرها
لك من جليل واضح و دقيق
و كسيت كالطاوس ريشا لا معا
متلألئا ذا رونق و بريق
من حمرة في صفرة في خضرة
تخييلها يغنى عن التحقيق
عرض يجلّ عن القياس و جوهر
لطفت معانيه عن التدقيق
و خطرت ملتحفا ببرد حبّرت [7]
منه بديع الوشي كفّ أنيق
[2] تنحى: تقبل.
[3] سموق: علو و ارتفاع.
[4] يقال: بقع الطير: أي اختلف لونه فهو أبقع.
[5] العلق: النفيس من كل شيء. و يقال: هذا الشيء علق مضنة أي يضنّ به.
[6] الموموق: المحبوب.
[7] حبرت: حسنت.