يغادي بصرّ [1] من العاصفا
ت أو دمق [2] مثل وخز الإبر
و سكّان دارك ممن أعو
ل يلقين من برده كلّ شرّ
فهذي تحنّ و هذي تئنّ
و أدمع هاتيك تجري درر [3]
إذا ما تململن تحت الظلام
تعلّلن منك بحسن النظر
و لاحظن ربعك، كالممحلي
ن شاموا البروق رجاء المطر
يؤمّلن عودي بما ينتظرن
كما يرتجى آئب من سفر
فأنعم بإنجاز ما قد وعدت
فما غيرك اليوم من ينتظر
و عش لي و بعدي فأنت الحيا
ة و السمع من جسدي و البصر
و قال من قصيدة يهنئه بمولود من سرّية روميّة:
اسعد بمولود أتاك مباركا
كالبدر أشرق جنح ليل مقمر
سعد لوقت سعادة جاءت به
أمّ حصان [4] من بنات الأصفر
متبحبح [5] في ذروتي شرف العلا
بين المهلّب منتماه و قيصر
شمس الضحى قرنت إلى بدر الدّجى
حتى إذا اجتمعا أتت بالمشترى
و لما تولّى أبو عبد اللّه البريدي الوزارة هجاه أبو الفرج بقصيدة طويلة أوّلها:
يا سماء اسقطي و يا أرض ميدي
قد تولّى الوزارة ابن البريدي
و منها:
يا لقومي لحرّ صدري و عولي
و غليلي و قلبي المعمود [6]
حين سار الخميس [7] يوم خميس
بالبريديّ في ثياب سود
قد حباه بها الإمام اصطفاء
و اعتمادا منه لغير عميد
خلع تخلع العلا و لواء
عقده حلّ عقدة المعقود
و قال أبو الفرج الأصبهانيّ: بلغ أبو الحسن جحظة أن مدرك بن محمد الشيباني الشاعر ذكره بسوء في مجلس كنت حاضره، فكتب إليّ:
[2] الدمق: الريح و الثلج.
[3] درر: جمع درّة، و الدرّة في الأمطار أن يتبع بعضها بعضا.
[4] الحصان: العفيفة.
[5] متبحبح: متمكن.
[6] المعمود: من عمده أي أضناه و أوجعه.
[7] الخميس: الجيش لأنه خمس فرق: المقدّمة. و القلب و الميمنة و الميسرة و الساقة.